صفحة جزء
باب الهجرة عن همام عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو يندفع الناس في شعبة أو في واد والأنصار في شعبة لاندفعت مع الأنصار في شعبتهم) رواه البخاري .


باب الهجرة الحديث الأول .

عن همام عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو يندفع الناس في شعبة أو في واد والأنصار في شعبة ، لاندفعت مع الأنصار [ ص: 268 ] في شعبتهم رواه البخاري .

(فيه) فوائد (الأولى) أخرجه البخاري في فضائل الأنصار من صحيحه من طريق شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة بلفظ لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار فقال أبو هريرة ما ظلم بأبي وأمي آووه ونصروه أو كلمة أخرى وأخرج الشيخان هذا المتن من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم وأنس في أثناء حديث . (الثانية) قوله لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار

أي في الأحكام والعداد ، ولا يجوز أن يكون المراد النسب قطعا ، وفيه فضيلة عظيمة للأنصار وفيه بيان فضل الهجرة ، ومعنى الحديث أن المهاجرين كانوا فريقا وكانت الأنصار فريقا ، وكل قبيلة مع أحلافها تعد فريقا ، ولكل فريق في الحروب راية ، وكان عليه الصلاة والسلام في المهاجرين فطيب خواطر الأنصار بأنه لولا الهجرة التي شاركه المهاجرون فيها أوجبت أن يكون معدودا فيهم لكان عداده في الأنصار ، وإن كان من قريش لما بينه وبين الأنصار من الموالاة الأكيدة والمناصرة الشديدة ، وإلى هذا أشار أبو هريرة رضي الله عنه بقوله ما ظلم بأبي وأمي أي ما ظلم قريشا بذلك أي بانفراده عنهم وعده نفسه في الأنصار بتقدير فقد الهجرة لأن الأنصار آووه ونصروه ، وفعلت قريش في مبتدإ الأمر ضد ذلك ، أو ما ظلم الأنصار ، ولا بخسهم حقهم بهذا الكلام الذي قاله فيهم .

(الثالثة) قوله ولو يندفع الناس في شعبة كذا رويناه وضبطناه هنا بضم الشين ، وذكر الجوهري أن الشعبة المسيل الصغير يقال شعبة حافل أي ممتلئة سيلا ، وقال في المحكم الشعبة صدع في الجبل يأوي إليه المطر ، والشعبة المسيل في ارتفاع قراره الرمل ، والشعبة ما صغر من التلعة وقيل ما عظم من سواقي الأودية ، وقيل الشعبة ما انشعب من التلعة والوادي أي عدل عنه ، وأخذ في غير طريقه ، والجمع شعب وشعاب انتهى .

ولفظ الصحيحين (شعب) بكسر الشين بغير هاء في آخره ، وهو ما انفرج بين جبلين كما قاله الخليل بن أحمد [ ص: 269 ] وقال ابن السكيت ، والجوهري هو الطريق في الجبل قال في النهاية ، وفي المغازي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قريشا وسلك شعبة هي بضم الشين وسكون العين موضع قرب يليل ، ويقال له شعبة بن عبد الله .

(الرابعة) أشار عليه الصلاة والسلام بذلك إلى أنه لا يفارق الأنصار مدة حياته لأنه جعل أرضهم دار هجرته فهو ملازم لها إلى وفاته ، وقد قال في الحديث الآخر المحيا محياكم ، والممات مماتكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية