صفحة جزء
وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني . .


الحديث الرابع وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن يعصني فقد عصا الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني . [ ص: 82 ] فيه) فوائد :

(الأولى) : أخرجه مسلم من هذا الوجه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام ومن طريق الأعرج وأبي علقمة وأبي يونس كلهم عن أبي هريرة واتفق عليه الشيخان من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ أميري : بدل الأمير : .

(الثانية) : قوله من أطاعني فقد أطاع الله : منتزع من قوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله وذلك أنه عليه الصلاة والسلام لما كان مبلغا أمر الله وحكمه ، أمر الله بطاعته فمن أطاعه فقد أطاع أمر الله ونفذ حكمه وقوله ومن يعصني : في معناه أيضا وقد قال تعالى ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا .

(الثالثة) : قوله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني : فيه وجوب طاعة ولاة الأمور ، وهذا مجمع عليه وإنما تجب الطاعة حيث لم يأمروا بمعصية كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح إلا أن يأمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة : ، وهذا الحديث وما في معناه مقيد لوجوب طاعة الأمراء والسبب في الأمر بطاعتهم اجتماع كلمة المسلمين ، فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم ويستنتج من ذلك أن من أطاع الأمير فقد أطاع الله ؛ لأنه أطاع الرسول ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله وقد قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وفي الصحيح عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن حذافة السهمي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية ومعناه أن عبد الله بن حذافة أمرهم بأمر فخالفه بعضهم وأنف على عادة العرب ، فإنهم كانوا يأنفون من الطاعة فنزلت الآية بسبب ذلك قال الشافعي كانت العرب تأنف من الطاعة للأمراء فلما أطاعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بطاعة الأمراء ، وهذا صريح في أن المراد بأولي الأمر الأمراء وفي ذلك أقوال أشهرها قولان أحدهما : هذا وبه قال الجمهور والثاني أنهم العلماء وله وجه ، وهو أن شرط طاعة الأمراء أن يأمروا بما يقتضيه العلم وكذلك كان أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحينئذ تجب طاعتهم فلو أمروا بما لا يقتضيه العلم حرمت طاعتهم ، فإذا الحكم للعلماء والأمر لهم بالأصالة غير أنهم لهم الفتيا من غير جبر وللأمير الفتيا إذا كان من أهلها والجبر .

(الرابعة) قوله في [ ص: 83 ] الرواية الأخرى أميري يحتمل أن يراد به من باشر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولايته مع أن الحكم لا يختص به فكل أمير للمسلمين عدل فحكمه كذلك ، وهو داخل في عموم قوله في الرواية الأخرى الأمير وتخصيص أميره عليه الصلاة والسلام بالذكر ؛ لأنه المراد وقت الخطاب ؛ ولأنه سبب ورود الحديث ويحتمل أن لا يراد بذلك تخصيص من باشره عليه الصلاة والسلام بالتولية بل كل أمير عدل ولي بحق فهو أميره ؛ لأنه بأمره تولى وبشريعته قام وقد ظهر بذلك أن روايتي أميري والأمير ، وإن تفاوتا لفظا فهما متحدان في المعنى والله أعلم .

(الحديث الرابع)

وعن همام عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، قالوا يا رسول الله كيف ؟ قال الأنبياء إخوة من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد وليس بيننا نبي .

(فيه) فوائد:

(الأولى) أخرجه مسلم من هذا الوجه عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق ، وأبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ، وأخرجه البخاري ومسلم أيضا ، وأبو داود من رواية الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، وأخرجه البخاري أيضا من رواية عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة .

(الثانية) قوله أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم أي أخص به، وأقرب إليه لقوله فلأولى عصبة ذكر أي لأقرب، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كما ذكره في آخر الحديث.

وقوله في الدنيا أي بقرب الزمان بينهما كما سيأتي .

وفي الآخرة لعله بتزوجه بأمه مريم فإنها من زوجاته في الجنة عليهم السلام ويحتمل أن سبب أولويته به في الدنيا والآخرة كونه يصير من أمته المقتدين بشريعته عند نزوله في آخر الزمان ولعل هذا أظهر والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية