ومســــــتدبر بــــــالذي عنـــــده عــــــن العــــــاذلات وإرشـــــادها
وقال بعضهم إنما قيل للمستأثر مستدبرا ؛ لأنه يولي عن أصحابه إذا استأثر بشيء دونهم وقال المازري التدابر المعاداة يقال دابرت الرجل عاديته وقيل معناه لا تقاطعوا ولا تهاجروا ؛ لأن المهاجرين إذا ولى أحدهما عن صاحبه فقد ولاه دبره وقال ابن عبد البر التدابر الإعراض وترك الكلام [ ص: 97 ] والسلام ونحو هذا ، وإنما قيل للإعراض تدابر ؛ لأن من أبغضته أعرضت عنه ومن أعرضت عنه وليته دبرك ، وكذلك يصنع هو بك ومن أحببته أقبلت عليه وواجهته تسره ويسرك فمعنى تدابروا وتقاطعوا وتباغضوا معنى متداخل متقارب وقال القاضي عياض قيل لا تدابروا أي لا تخاذلوا ولا يبغي بعضكم لبعض الغوائل بل تعاونوا على البر والتقوى وقال أبو العباس القرطبي لا تدابروا أي لا تفعلوا فعل المتباغضين الذين يدبر كل واحد منهما عن الآخر أي يوليه دبره فعل المعرض قال ابن عبد البر تضمن هذا الحديث أنه لا يجوز أن يبغض المسلم أخاه ولا يدبر عنه بوجهه إذا رآه ولا يقطعه بعد صحبته له في غير حرمة أو في حرمة يجوز له العفو عنه ولا يحسده على نعمة الله عنده حسدا يؤذيه به ولا ينافسه في دنياه وحسبه أن يسأل الله من فضله . .