صفحة جزء
وعن سالم عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يلتمسان البصر ويستسقطان الحبل فكان ابن عمر يقتل كل حية وجدها فرآه أبو لبابة أو زيد بن الخطاب وهو يطارد حية فقال : إنه قد نهي عن ذوات البيوت .


(الحديث الثالث) وعن سالم عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يلتمسان البصر ويستسقطان الحبل ، فكان ابن عمر يقتل كل حية يجدها فرآه أبو لبابة أو زيد بن الخطاب وهو يطارد حية فقال : إنه نهي عن ذوات البيوت (فيه) فوائد :

(الأولى) أخرجه من هذا الوجه مسلم عن [ ص: 125 ] عمرو بن محمد الناقد ، وأبو داود عن مسدد كلاهما عن سفيان بن عيينة وأخرجه مسلم أيضا من طريق الزبيري ويونس بن يزيد ومعمر وصالح بن كيسان كلهم عن الزهري عن سالم عن أبيه إلا أن في رواية صالح بن كيسان حتى رآني أبو لبابة بن عبد المنذر وزيد بن الخطاب فقالا : إنه قد نهي عن ذوات البيوت وأخرجه البخاري من طريق هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري وفيه فناداني أبو لبابة لا تقتلها ، ثم قال البخاري وقال عبد الرزاق عن معمر : فرآني أبو لبابة أو زيد بن الخطاب وتابعه يونس وابن عيينة وإسحاق الكلبي والزبيري وقال صالح وابن أبي حفصة وابن مجمع عن الزهري عن سالم عن ابن عمر . (رآني أبو لبابة وزيد بن الخطاب ) واتفق عليه الشيخان من طريق جرير بن حازم ، وأخرجه مسلم من طريق عبيد الله بن عمر وجويرية بن أسماء كلهم عن نافع عن ابن عمر عن أبي لبابة وأخرجه مسلم أيضا من طريق عبيد الله بن عمر والليث بن سعد ويحيى بن سعيد وعمر بن نافع وأسامة بن زيد وأبو داود من طريق مالك كلهم عن نافع عن أبي لبابة وأخرجه أبو داود أيضا من طريق أيوب عن نافع أن ابن عمر وجد بعد ذلك يعني بعد ما حدثه أبو لبابة حية في داره فأمر بها فأخرجت يعني إلى البقيع وأخرجه أبو داود أيضا من طريق أسامة عن نافع في هذا الحديث قال نافع ثم رأيتها بعد في بيته وأخرجه البخاري أيضا من طريق ابن أبي مليكة أن ابن عمر كان يقتل الحيات قال : فلقيت أبا لبابة فأخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تقتلوا من الحيات إلا كل أبتر ذي طفيتين وذكر الدارقطني في العلل أن النهي عن قتل ذوات البيوت روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وصوب قول من قال عن ابن عمر عن أبي لبابة وقال ابن عبد البر قال أكثر الرواة عن مالك عن نافع عن أبي لبابة وقال ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن أبي لبابة والصحيح الأول ؛ لأن نافعا سمع هذا الحديث من ابن عمر من أبي لبابة قال : وكل من رواه عن مالك عن نافع عن أبي لبابة لم يزد على النهي عن قتل حيات البيوت إلا القعنبي فإنه زاد فيه إلا أن يكون ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يخطفان البصر ويطرحان ما في بطون النساء ولم يرو [ ص: 126 ] ذلك في حديث أبي لبابة إلا القعنبي وهو وهم وإنما هو محفوظ من حديث عمر وعائشة (قلت) لعله أراد من طريق مالك فقد تقدم أن الاستثناء في صحيح البخاري من حديث أبي لبابة .

(الثانية) أبو لبابة بضم اللام بعدها باء موحدة ثم ألف ثم باء موحدة أيضا هو ابن عبد المنذر الأنصاري واختلف في اسمه فقيل : بشير ، وقيل : رفاعة وقيل : غير ذلك وهو أحد النقباء ليلة العقبة ومنهم من أطلق أنه بدري ومنهم من قال : خرج إليها فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل من الروحاء وأمره على المدينة وضرب له بسهمه وأجره ، قال ابن عبد البر مات في خلافة علي رضي الله عنه وقال غيره : مات بعد الخمسين .

وزيد بن الخطاب هو أخو عمر أمير المؤمنين لأبيه وكان أسن منه وأسلم قبله وشهد المشاهد كلها واستشهد باليمامة في خلافة الصديق وحزن عليه عمر حزنا شديدا .

(الثالثة) الحيات جمع حية وهو الجنس المعروف لا يختص به نوع دون نوع فقوله بعده (وذا الطفيتين والأبتر) من عطف الخاص على العام وتطلق الحية على الذكر والأنثى وإنما دخلته الهاء ؛ لأنه واحد من جنس كبطة ودجاجة على أنه قد روي عن العرب رأيت حيا على حية أي ذكرا على أنثى واشتقاقها من الحياة في قول بعضهم ولهذا قالوا في النسبة إليها حيوي ولو كان من الواوي لقالوا : حووي والحيوت بتشديد الياء ذكر الحيات . .

(الرابعة) فيه الأمر بقتل الحيات وهو عند أصحابنا وغيرهم للاستحباب سواء كان الإنسان محرما أم لا وممن صرح بذلك الرافعي في الحج لكنه قال في أوائل الأطعمة : قال صاحب التلخيص وساعد الأصحاب ما أمر بقتله من الحيوان فهو حرام ، والسبب فيه أن الأمر بقتله إسقاط لحرمته ومنع من اقتنائه ، ولو كان مأكولا لجاز اقتناؤه للتسمين وإعداده للأكل فقال شيخنا الإمام جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي هذا يقتضي مخالفة ما تقدم وفيما قاله نظر ؛ لأن المذكور في الأطعمة منع اقتنائه ولا يلزم من ذلك وجوب قتله فلا مخالفة بين الكلامين ، وقال أبو العباس القرطبي هذا الأمر وما في معناه من باب الإرشاد إلى دفع المضرة المخوفة من الحيات فما كان منها محقق الضرر وجبت المبادرة إلى قتله .

(قلت) جعله أولا من باب الإرشاد وهو منحط عن الاستحباب [ ص: 127 ] لأنه ما كان لمصلحة دنيوية بخلاف الاستحباب فإن مصلحته دينية ثم جعل المبادرة لقتله واجبة ولا منافاة بينهما ، فإن الوجوب إنما هو عند تحقق الضرر وذلك بأن يعدو على الإنسان فالمبادرة إلى قتله واجبة فقد صرح أصحابنا أن الاستسلام للبهيمة حرام .

(الخامسة) قوله وذا الطفيتين هو بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء .

قال النووي : قال العلماء هما الخطان الأبيضان على ظهر الحية وأصل الطفية خوصة المقل وجمعها طفى شبه الخطين على ظهرها بخوصتي المقل . انتهى . وربما قيل لهذه الحية : طفية ، على معنى ذات طفية ، قال الشاعر :

كما تذل الطفى من رقية الراقي

أي ذوات الطفى ، وقال الخليل في ذي الطفيتين هي حية لينة خبيثة ، وقال الخطابي : هي شر الحيات فيما يقال .

(السادسة) الأبتر بالباء الموحدة والتاء المثناة من فوق الأفعى سميت بذلك لقصر ذنبها وذكر الأفعى أفعوان بضم العين وقال النضر بن شميل في الأبتر إنه صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها .

وقال الخطابي البتر شرار الحيات .

(السابعة) قوله فإنهما يلتمسان البصر قال النووي فيه تأويلان ذكرهما الخطابي وآخرون : (أحدهما) معناه يخطفان البصر ويطمسانه بمجرد نظرهما إليه لخاصة جعلها الله تعالى في بصرهما إذا وقع على بصر الإنسان وتؤيد هذا الرواية الأخرى في صحيح مسلم يخطفان البصر والرواية الأخرى يلتمعان البصر .

(والثاني) أنهما يقصدان البصر باللسع والنهش ، قال النووي : والأول أصح وأشهر قال العلماء : وفي الحيات نوع يسمى الناظر إذا وقع بصره على عين إنسان مات من ساعته . انتهى .

وقال أبو العباس القرطبي حكى أبو الفرج بن الجوزي في كتابه المسمى بكشف المشكل لما في الصحيحين أن بعراق العجم أنواع من الحيات يهلك الرائي لها بنفس رؤيتها ومنها ما يهلك المرور على طريقها .

(الثامنة) ويستسقطان الحبل معناه أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت أسقطت الحمل غالبا وقد ذكر مسلم في روايته عن الزهري أنه قال : نرى ذلك من سمهما . انتهى .

وقال الخطابي معناه أنها إذا لحظت الحامل أسقطت ، قال القاضي عياض : وذلك بالروع منه أو [ ص: 128 ] بخاصته وهو أظهر إذ يشركه غيره في الروع وقال أبو العباس القرطبي لا يلتفت إلى قول من قال : إن ذلك بالترويع ؛ لأن الترويع ليس خاصا بهذين النوعين بل يعم جميع الحيات فتذهب خصوصية هذا النوع بهذا الاعتناء العظيم والتحذير الشديد ، ثم إن صح هذا في طرح الحبل فلا يصح في ذهاب البصر فإن الترويع لا يذهبه

(التاسعة) فيه تمسك ابن عمر بعموم النهي عن قتل الحيات وطرده في كل حية حتى نقل له تخصيص ذلك بغير ذوات البيوت وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال جمعها ابن عبد البر في التمهيد :

(أحدها) قتلهن مطلقا في البيوت والصحاري بالمدينة وغيرها على أي صفة كن وتمسك هؤلاء بالعمومات في قتلهن مع الترغيب في ذلك والتحذير من تركه .

(ثانيها) قتلهن إلا ما كان منهن في البيوت بالمدينة خاصة دون غيرها على أي صفة كن فلا يقتلن إلا بعد الإنذار ثلاثا ، وبهذا قال ابن نافع والمازري والقاضي عياض وغيرهم وتمسك هؤلاء بحديث أبي سعيد الخدري أنه عليه الصلاة والسلام قال إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منها شيئا فأذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان رواه مسلم في صحيحه وقال ابن عبد البر في حديث سهل بن سعد مرفوعا إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئا فتعوذوا منه فإن عاد فاقتلوه وهذا يحتمل أن يكون أشار به إلى بيوت المدينة وهو الأظهر ويحتمل أن يكون إلى جنس البيوت .

(ثالثها) استثناء ذوات البيوت سواء كن بالمدينة أو غيرها إلا بعد الإنذار ، وهو محكي عن الإمام مالك رحمه الله وصاحبه عبد الله بن وهب وحكي عن مالك أيضا أنه يقتل ما وجد منها في المساجد واستدل هؤلاء بما في سنن أبي داود عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن حيات البيوت فقال : إذا رأيتم منهن شيئا في مساكنكم فقولوا : أنشدكن العهد الذي أخذه عليكن نوح أنشدكن العهد الذي أخذه عليكن سليمان أن لا تؤذونا ، فإن عدن فاقتلوهن فلم يخص في هذا الحديث بيوت المدينة من غيرها قال ابن عبد البر وهو عندي محتمل للتأويل والأظهر فيه العموم ، وقال أبو العباس القرطبي : إن هذا القول [ ص: 129 ] وهو عدم التخصيص بذوات البيوت في المدينة هو الأولى لعموم نهيه عن قتل الحيات التي في البيوت ولقوله عليه الصلاة والسلام خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم وذكر فيهن الحية ولا ناقد علمنا قطعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول إلى الجن والإنس وأنه بلغ الرسالة إلى النوعين ، وأنه قد آمن به خلق كثير من النوعين بحيث لا يحصرهم بلد ولا يحيط بهم عدد والعجب من ابن نافع كأنه لم يسمع قوله تعالى وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ولا قوله عليه الصلاة والسلام إن وفد جن نصيبين آتوني ونعم الجن هم فسألوني الزاد الحديث فهذه نصوص في أن من جن غير المدينة من أسلم فلا يقتل شيء منها حتى يخرج عليه كما تقدم .

(رابعها) استثناء ذوات البيوت مطلقا فلا يقتلن ولا بعد الإنذار وهو ظاهر قوله في حديث أبي لبابة أنه نهي عن ذوات البيوت ولم يذكر إنذارهن .

(خامسها) استثناء ذوات البيوت فلا يقتلن إلا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يقتلان بالمدينة وغيرها بلا إنذار ، ويدل لهذا حديث ابن عمر عن أبي لبابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تقتلوا الحيات إلا كل أبتر ذي طفيتين وهو في صحيح البخاري كما تقدم وفي سنن أبي داود من طرق عن نافع عن أبي لبابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الحيات التي تكون في البيوت إلا أن يكون ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يخطفان البصر ويطرحان ما في بطون النساء قال ابن عبد البر أجمع العلماء على جواز قتل حيات الصحاري صغارا كن أو كبارا أي نوع كن من الحيات . قال : وترتيب هذه الأحاديث وتهذيبها باستعمال حديث أبي لبابة والاعتماد عليه ، فإن فيه بيانا لنسخ قتل حيات البيوت وأن ذلك كان بعد الأمر بقتلها جملة وفيه استثناء ذي الطفيتين والأبتر فهو حديث مفسر لا إشكال فيه لمن فهم ، وعلم فهو الصواب في هذا الباب وعليه يصح ترتيب الآثار فيه .

(سادسها) روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : اقتلوا الحيات كلها إلا الجنان الأبيض الذي كأنه قضيب فضة قال ابن عبد البر وهذا قول غريب حسن .

[ ص: 130 ] العاشرة) فيه التمسك بالعموم حتى يظهر له مخصص وبهذا قال الصيرفي وقال ابن سريج يجب البحث عن المخصص إجماعا قبل العمل بالعام هكذا نقل الإمام فخر الدين الرازي المقالتين ومال لمقالة الصيرفي ؛ لأنه رد دليل ابن سريج وسكت عن دليله ، فلهذا رجحه البيضاوي وغيره ولكن حكى الغزالي والآمدي وابن الحاجب وغيرهم الإجماع على أنه لا يجوز العمل بالعام قبل البحث عن المخصص ثم اختلفوا فقيل : يبحث إلى أن يغلب على الظن عدمه ، وقيل : إلى أن يقطع بعدمه ، وقيل : إلى أن يعتقد عدمه اعتقادا جازما من غير قطع . قالوا : واختلاف الصيرفي وابن سريج إنما هو في اعتقاد العموم في اللفظ العام بعد وروده وقبل وقت العمل به فإذا جاء وقت العمل به لا بد من البحث عن المخصص إجماعا ، والحق أن الإمام فخر الدين لم ينفرد بنقل الخلاف هكذا فقد سبقه إليه الأستاذ أبو إسحاق والشيخ أبو إسحاق الشيرازي والله أعلم .

(الحادية عشرة) لا يضر الشك في المخبر لابن عمر هل هو أبو لبابة أو زيد بن الخطاب ؛ لأنهما صحابيان معروفان وإذا دار الخبر بين ثقتين فهو مقبول وقد عرفت أن في صحيح البخاري الجزم بأنهما حدثاه بذلك ومع هذه الرواية زيادة علم فيجب الأخذ بها ورجح جماعة أنه عن أبي لبابة كما تقدم ، والله أعلم .

(الثانية عشرة) قوله يطارد حية أي يطلبها ويتتبعها ليقتلها قاله النووي وقال ابن الأثير في النهاية أي يخادعها ليصيدها وهو من طراد الصيد .

(الثالثة عشرة) قوله إنه نهي عن ذوات البيوت كذا ضبطناه وحفظناه بضم أوله على البناء للمفعول ، وقول الصحابي أمر بكذا ونهي عن كذا حكمه الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم على الصحيح المشهور لانصرافه إلى من له الأمر والنهي فإن قال ذلك التابعي ففيه احتمالان للغزالي وقد ورد التصريح بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وهو في الصحيحين من طرق وفي بعض طرقه في الصحيح عن جنان البيوت وهو بجيم مكسورة ونون مشددة جمع جان وهي الحية الصغيرة ، وقيل : الدقيقة الخفيفة ، وقيل : الدقيقة البيضاء ، وقال الخطابي يقال : إن الجنان هي الحيات الطوال البيض وقيل : ما تضر شيئا فلذلك أمسك عن قتلها ، وقال أبو العباس القرطبي : إن قيل : قد وصف الله تعالى [ ص: 131 ] الحية المنقلبة عن عصا موسى بأنها جان وأنها ثعبان عظيم فالجواب أنها كانت ثعبانا عظيما في الخلقة ومثل الحية الصغيرة الدقيقة في الخفة والسرعة ألا ترى قوله تعالى تهتز كأنها جان هكذا قال : أهل اللغة وأرباب المعاني . انتهى .

وقال ابن عبد البر يروى عن ابن عباس الجنان مسخ الجن كما مسخت القردة من بني إسرائيل قال القاضي عياض ومثله عن ابن عمر قال ابن عبد البر وقال ابن أبي ليلى : الجن الذين لا يعترضون للناس والخيل الذين يتخيلون للناس ويؤذونهم ، وقال القاضي عياض وقيل : الجنان ما لا يعترض للناس والخيل ما يعترض لهم ويؤذيهم وأنشد

تنــــــــــــــاوح جنـــــــــــــان وجــــــــــــــن وخـــــــــــــيل

.

(الرابعة عشرة) للنهي عن ذوات البيوت شرطان :

(أحدهما) أن يكون ذلك قبل الإنذار .

و (الثاني) أن لا يكون ذا طفيتين ولا أبتر فما كان بهذه الصفة يقتل ولو كان من ذوات البيوت بغير إنذار ، وقد دل على ذلك الأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها وإنما تتم فائدة الحديث إذا جمعت طرقه وقد اجتمع هذان القيدان من طرقه ولهذا صوب ابن عبد البر هذا القول كما تقدم وهو أولى الأقوال بالحق لما بيناه وقد تقدم كيفية الإنذار في حديث أبي ليلى وذكرناه في الفائدة التاسعة ، وهو أن يقول : أنشدكن العهد الذي أخذه عليكن نوح أنشدكن العهد الذي أخذه عليكن سليمان أن لا تؤذونا ، وقال المازري : أما صفة الإنذار فحكى ابن حبيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أنشدكن بالعهد الذي أخذه عليكن سليمان أن لا تؤذونا أو تظهروا لنا وأما مالك فإنه قال : يكفي في الإنذار أن يقول : أحرج عليك بالله واليوم الآخر أن لا تبدو لنا ولا تؤذينا وأظن مالكا إنما ذكر هذا لقوله في صحيح مسلم .

(فحرجوا عليها ثلاثا) فلهذا ذكر أحرج عليك . انتهى .

وقال القاضي عياض قال مالك : أحب إلي أن ينذروا ثلاثة أيام قال عيسى بن دينار تنذر ثلاثة أيام ، وإن ظهرت في اليوم مرارا يريد ولا يقتصر على إنذارها ثلاث مرات في يوم واحد حتى يكون ذلك في ثلاثة أيام .

التالي السابق


الخدمات العلمية