صفحة جزء
وعن جابر قال مر رجل في المسجد معه سهام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أمسك بنصالها .


(الحديث السادس) وعن جابر قال مر رجل في المسجد معه سهام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أمسك بنصالها (فيه) فوائد :

(الأولى) اتفق عليه الشيخان والنسائي وابن ماجه من هذا الوجه من طريق سفيان بن عيينة وأخرجه الشيخان أيضا من طريق حماد بن زيد [ ص: 140 ] بزيادة كي لا تخدش مسلما كلاهما عن عمرو بن دينار عن جابر وأخرجه مسلم وأبو داود من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر رجلا كان يتصدق بالنبل في المسجد ألا يمر بها إلا وهو آخذ بنصولها .

(الثانية) فيه جواز إدخال النبل المسجد وقد بوب عليه أبو داود رحمه الله بذلك ، وقد عرفت أن في روايته ورواية مسلم أنه كان يدخلها المسجد ليتصدق بها فيه وفي معناه سائر السلاح .

(الثالثة) فيه أمر مدخلها المسجد أن يمسك بنصالها وقد عرفت تعليله في الحديث بخشية خدش مسلم ، قال ابن بطال : هذا من تأكيد حرمة المسلم لئلا يروع بها أو يؤذي ؛ لأن المساجد مورودة للخلق ولا سيما في أوقات الصلاة فخشى عليه الصلاة والسلام أن يؤذي بها أحدا وهذا من كريم خلقه ورأفته بالمؤمنين ، والمراد بهذا الحديث التعظيم لقليل الدم وكثيره .

(الرابعة) لا يختص ذلك بالمسجد بل السوق وكل موضع جامع للناس ينبغي فيه ذلك وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي موسى الأشعري مرفوعا إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين منها شيء وفي لفظ لمسلم إذا مر أحدكم في مسجد أو في سوق وبيده نبل فليأخذ بنصالها ثم ليأخذ بنصالها ثم ليأخذ بنصالها ، فقال أبو موسى : والله ما متنا حتى سددناها بعضنا في وجوه بعض وقوله سددناها بالسين المهملة من السداد وهو القصد ، والاستقامة أي قومناها إلى وجوههم وأشار بذلك إلى ما حدث من الفتن وذكر هذا في معرض التأسف على تغير الأحوال وحصول الخلاف لمقاصد الشرع من التعاطف ودفع يسير الأذى مع قرب العهد .

(الخامسة) ( النصال ) بكسر النون و (النصول) بضمها وهما بالصاد المهملة جمع نصل وهو حديدة السهم ، والسهام أعم من النبال لاختصاص النبال بالسهام العربية ومن النشاب لاختصاصها بالفارسية كما ذكره بعضهم .

(السادسة) قال النووي وفيه اجتناب كل ما يخاف منه ضرر .

(السابعة) قال أبو العباس القرطبي استدل به لمالك على أصله في سد الذرائع .

(الثامنة) قال القرطبي وقوله فيه كي لا تخدش مسلما ، ما يدل على صحة القول بالقياس وتعليل الأحكام الشرعية والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية