صفحة جزء
الأمثال عن همام عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها وأكملها وأجملها إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون بها ويعجبهم البنيان فيقولون ألا وضعت ههنا لبنة فيتم بنيانك ؟ فقال محمد صلى الله عليه وسلم فكنت أنا اللبنة .


الأمثال الحديث الأول عن همام عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها وأكملها وأجملها إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون بها ويعجبهم البنيان فيقولون ألا وضعت ههنا لبنة فيتم بنيانك فقال محمد صلى الله عليه وسلم فكنت أنا اللبنة (فيه) فوائد :

(الأولى) أخرجه مسلم من هذا الوجه من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة واتفق عليه الشيخان من طريق عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة .

(الثانية) قال القاضي أبو بكر بن العربي [ ص: 221 ] المثل بفتح الميم والثاء عبارة عن تشابه المعاني المعقولة والمثل بكسر الميم وإسكان الثاء عبارة عن تشابه الأشخاص المحسوسة ويدخل أحدهما على الآخر .

(الثالثة) فيه ضرب الأمثال للتقريب للإفهام ومقصود هذا المثل بيان أن الله تعالى ختم به الأنبياء والمرسلين وتمم به ما سبق في علمه إظهاره من مكارم الأخلاق وشرائع الدين (فإن قلت) يقتضي هذا التشبيه أن الأمر كان بدونه ناقصا (قلت) هو كذلك بالنسبة إلى مجموع الشرائع وكم حكمة ولطيفة وذكر وغيب لم يعلم إلا على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم فكل شريعة على حدتها كاملة بالنسبة إلى المكلفين بها فإذا نظرت إلى مجموع ما كلف الله تعالى به عباده من أمر الدين وما أظهره من عجائب ملكوته على أيدي المرسلين وما أطلعهم عليه من الغيوب وما ألهمهم إياه من الذكر الذي تطهر به القلوب وجدت ذلك لم يكمل إلا بما ظهر في هذه الشريعة على لسان هذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم .

(الرابعة) اللبنة الطوبة التي يبنى بها وفيها لغتان .

(إحداهما) فتح اللام وكسر الباء وجمعها لبن بإسقاط الهاء كنبقة ونبق .

(الثانية) كسر اللام وسكون الباء وجمعها لبن بكسر اللام وفتح الباء كسدرة وسدر ، ذكرها القاضي عياض وأبو العباس القرطبي .

(قلت) وفيها (لغة ثالثة) وهي فتح اللام وإسكان الباء كنظائرها ، وقد ذكرها النووي .

(الخامسة) قوله ألا بالتشديد للتحضيض وقوله وضعت بفتح التاء على إسناد الفعل للمخاطب بدليل قوله فيتم بنيانك ويكون قوله لبنة منصوبا على المفعولية ؛ وقوله فيتم بفتح الياء المثناة من تحت وقوله بنيانك مرفوع على الفاعلية كذا رويناه وضبطناه والله أعلم .

(السادسة) قال أبو بكر بن العربي إذا تأمل المتفطن هذا الحديث رأى أن قدر النبي صلى الله عليه وسلم في الأنبياء أعظم وأكرم من لبنة والحديث صحيح ومعناه والله أعلم أن اللبنة كانت من الآس ولولا هذه اللبنة في هذا الآس لانقض المنزل لأنها القاعدة والمقصود .

التالي السابق


الخدمات العلمية