صفحة جزء
باب القنوت عن سعيد عن أبي هريرة لما رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة الأخيرة من صلاة الصبح قال اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف وفي رواية لهما قنت بعد الركوع في صلاته شهرا يدعو لفلان وفلان ، ثم ترك الدعاء لهم ، ولهما من حديث أنس قنت شهرا بعد الركوع يدعو على أحياء من أحياء العرب ، ثم تركه زاد الدارقطني والحاكم والبيهقي وصححوه فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا .


باب القنوت عن سعيد عن أبي هريرة لما رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة الأخيرة من صلاة الصبح قال : اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف .

فيه فوائد :

(الأولى) : القنوت يطلق بإزاء معان قال الله تعالى وقوموا لله قانتين فقيل : المراد الطاعة وقيل : الدعاء ويطلق بمعنى طول القيام كما في الحديث الصحيح أفضل الصلاة طول القنوت ويستعمل بمعنى السكوت وعليه يدل حديث زيد بن أرقم المتفق عليه كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين قال القاضي عياض وقيل : أصله الدوام على الشيء قال ابن دقيق العيد وإذا كان هذا أصله فمديم الطاعة قانت وكذلك الداعي والقائم في الصلاة والمخلص فيها والساكت فيها كلهم فاعلون للقنوت قال وفي كلام بعضهم ما يفهم منه أنه موضوع للمشترك قال وهذه طريقة المتأخرين يقصدون دفع الاشتراك والمجاز ولا بأس بها إن لم يقم دليل خاص على أن اللفظ حقيقة في معنى معين أو معان .

(الثانية) [ ص: 289 ] فيه حجة لمن استحب القنوت في صلاة الصبح وهو قول مالك والشافعي ومحمد بن جرير الطبري إلا أن المالكية حكوا عن مالك فيه روايتين هل هو مستحب أو سنة بناء على قاعدتهم أن ترك السنة عمدا تعاد له الصلاة وحكى محمد بن جرير الطبري الإجماع على أن تركه غير مفسد للصلاة وجعله أصحاب الشافعي من أبعاض الصلاة التي يشرع لتركها سجود السهو وروي عن الحسن البصري أيضا أن في تركه سجود السهو وذهب أبو حنيفة والليث بن سعد ويحيى بن يحيى من المالكية : أنه لا قنوت في الفجر ولا في غيرها من الصلوات ولا في الوتر أيضا واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا ، ثم تركه كما في حديث أنس المذكور في بقية الباب وأجاب من استحبه بأن المراد ترك الدعاء لمن سمى وترك الدعاء على من سماه لا أنه ترك أصل القنوت بدليل الزيادة التي رواها الدارقطني والحاكم والبيهقي فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا وفي إسناده أبو جعفر الرازي وقد اختلفوا فيه فوثقه يحيى بن معين وعلي بن المديني وأبو حاتم الرازي وقال الفلاس سيئ الحفظ وقال النسائي ليس بالقوي وقد صحح هذا الحديث الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي البجلي وأبو عبد الله الحاكم والدارقطني والبيهقي والنووي وغيرهم وممن قال باستحبابه في الصبح الخلفاء الأربعة رواه البيهقي بإسنادين جيدين .

وجاء عنهم أيضا تركه وروى الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقنت وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت وصليت [ ص: 290 ] خلف عمر فلم يقنت وصليت خلف عثمان فلم يقنت وصليت خلف علي فلم يقنت ، ثم قال يا بني إنها بدعة .

لفظ رواية النسائي وقال الترمذي إنه حديث حسن صحيح .

قال النووي في الخلاصة قال : أصحابنا الذين رووا إثبات القنوت أكثر ومعهم زيادة علم فتقدم روايتهم انتهى وبالجملة فمسألة القنوت من مسائل الاختلاف التي تعارضت فيها الأدلة وأفردها الناس بالتصنيف فصنف ابن منده تصنيفا في إنكاره وأنه بدعة وصنف الحافظ أبو عبد الله الحاكم تصنيفا في استحبابه وأنه سنة والأدلة متعادلة ، ومن أثبت مقدم على من نفى والله أعلم .

وذهب أحمد وإسحاق إلى أنه لا يقنت في الفجر إلا عند نازلة تنزل بالمسلمين ولم ير ابن المبارك القنوت في الفجر وقال الثوري إن قنت في الفجر فحسن وإن لم يقنت فحسن واختار ألا يقنت وحكى الترمذي في الجامع أن العمل عند أكثر أهل العلم على حديث أبي مالك الأشجعي .

(الثالثة) اقتصر سعيد بن المسيب في روايته لهذا الحديث عن أبي هريرة على القنوت في الصبح ورواه الشيخان من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة فقال : العشاء بدل الصبح واتفقا عليه أيضا من رواية أبي سلمة أيضا أنه سمع أبا هريرة يقول والله لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء الآخرة والصبح يدعو للمؤمنين ويلعن الكفار .

ولمسلم من حديث البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح والمغرب .

وللبيهقي من حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها .

ولأبي داود من حديث ابن عباس قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح يدعو على أحياء من بني سليم الحديث زاد البيهقي فيه قال عكرمة هذا مفتاح القنوت وقد اختلف في القنوت في غير الصبح فقال الرافعي إن الأصح عند المعظم أنه إن نزلت بالمسلمين نازلة قنتوا وإلا فلا وقيل : لا يقنت فيها وقيل يتخير في غير النازلة وقيل يقنت مطلقا وقيل : يقنت في الجهرية دون السرية فهذه خمسة أقوال اقتصر الرافعي منها على الثلاثة الأول وحكى ابن يونس القولين الآخرين قال الرافعي ، ثم مقتضى كلام [ ص: 291 ] الأكثرين أن الخلاف في غير الصبح إنما هو في الجواز قال منهم من يشعر إيراده بالاستحباب وقال النووي : الأصح أن الخلاف في الاستحباب ونص عليه الشافعي .

(الرابعة) فيه حجة لمن ذهب إلى أن محل القنوت بعد الركوع وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق ورواية عن مالك وقد ثبت أيضا من حديث ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة يقول : اللهم العن فلانا بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد الحديث ولمسلم من حديث خفاف بن إيماء ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم رفع رأسه فقال غفار غفر الله لها الحديث وهو في الصحيحين أيضا من حديث أنس وقد ذكرته في الأصل في آخر الباب .

وذهب مالك في المشهور عنه إلى أن محله قبل الركوع واستدل له بما رواه البخاري ومسلم من رواية عاصم قال سألت أنسا عن القنوت أكان قبل الركوع أم بعده قال قبله قلت فإن فلانا أخبرني عنك أنك قلت بعده قال كذب إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا لفظ البخاري وقال مسلم قلت فإن ناسا يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع فقال إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على أناس قتلوا أناسا من أصحابه يقال لهم القراء هكذا رواه عاصم الأحول .

وقد روى البيهقي من رواية عاصم عن أنس قال إنما قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا فقلت كيف القنوت ؟ قال بعد الركوع قال البيهقي : فهو ذا قد أخبر أن القنوت المطلق المعتاد بعد الركوع وقوله إنما قنت شهرا يريد به اللعن قال ورواة القنوت بعد الركوع أكثر وأحفظ فهو أولى قال وعلى هذا درج الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم في أشهر الروايات عنهم وأكثرها والله أعلم .

وقد ذهب جماعة إلى التخيير بين القنوت قبله أو بعده حكاه صاحب المفهم عن عمر وعلي وابن مسعود وجماعة من الصحابة والتابعين .

(الخامسة) فيه حجة على أبي حنيفة في منعه أن يدعى لمعين أو على معين في الصلاة وخالفه الجمهور فجوزوا ذلك لهذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة .

(السادسة) فيه حجة على أبي حنيفة أيضا في منعه ما ليس بلفظ القرآن من الدعاء في الصلاة وخالفه غيره في ذلك .

(السابعة) فيه جواز الدعاء [ ص: 292 ] على الكفار ولعنتهم قال صاحب المفهم ولا خلاف في جواز لعن الكفرة والدعاء عليهم قال واختلفوا في جواز الدعاء على أهل المعاصي فأجازه قوم ومنعه آخرون .

(قلت) أما الدعاء على أهل المعاصي ولعنهم من غير تعيين فلا خلاف في جوازه لقوله لعن الله السارق يسرق البيضة .

لعن الله من غير منار الأرض ونحو ذلك وأما مع التعيين فوقع كثيرا في الأحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة ولهذا قال النووي في الأذكار إن ظواهر الأحاديث تدل على جواز لعن أهل المعاصي مع التعيين .

(قلت) وقد يقال : هذا من خواصه صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم اللهم إني اتخذت عندك عهدا أيما مسلم سببته أو لعنته وليس لها بأهل فاجعلها له صلاة الحديث . وهذا ليس لغيره فلهذا كان المنقول أنه لا يجوز لعن العاصي المعين وأما لعن الكافر المعين فلا شك أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعله ، ولكن هل لنا أن نتعاطى ذلك فمنع منه أبو حامد الغزالي إلا أن يقيد ذلك بأن يموت على كفره والله أعلم .

(الثامنة) قوله اللهم اشدد وطأتك هو بفتح الواو وسكون الطاء المهملة وبالهمز والمعنى خذهم أخذا شديدا قاله صاحب النهاية ومن حديث خولة بنت حكيم في مسند أحمد آخر وطأة وطئها الله بوج قال والوطء في الأصل الدوس بالقدم فسمي به الغزو والقتل قال والمعنى أن آخر أخذة ووقعة أوقعها الله بالكفار كانت بوج وكانت غزوة الطائف آخر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يغز بعدها إلا غزوة تبوك ولم يكن فيها قتال انتهى .

(التاسعة) المراد بسني يوسف السبع الشداد المذكورة في قوله تعالى ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد والمراد به الغلاء والقحط وقد أول صاحب المفهم هذا الدعاء بحديث ابن مسعود فقال واستجيب له صلى الله عليه وسلم فيهم فأجدبوا سبعا أكلوا فيها كل شيء وذكر الحديث وقال فيه حتى جاء أبو سفيان فكلم النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لهم فسقوا على ما ذكرناه عن ابن مسعود في كتاب التفسير انتهى كلام القرطبي ، وفيه أوهام أحدها في قوله فأجدبوا سبعا وليس في واحد من الصحيحين وليس بصحيح أيضا فإنه كشف عنهم قبل بدر وكانت في السنة الثانية من الهجرة [ ص: 293 ] وأيضا فأبو هريرة راوي الحديث شهد قنوت النبي صلى الله عليه وسلم ودعاءه عليهم بذلك وإنما أسلم أبو هريرة بعد خيبر فلا يصح حمله على دعائه على قريش قبل وقعة بدر .

وحديث ابن مسعود الذي أشار إليه في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى قريشا استعصوا عليه قال اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم السنة حتى خصت كل شيء حتى أكلوا العظام والجلود وفي رواية الميتة بدل العظام وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان فأتاه أبو سفيان فقال أي محمد إن قومك هلكوا فادع الله أن يكشف عنهم فدعا وفي رواية فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر ، ففي هذا الحديث أن دعاءه على قريش قبل وقعة بدر وهذا لم يشهده أبو هريرة والذي أوقع القرطبي في ذلك أن حديث ابن مسعود في بعض طرقه في الصحيحين ذكر مضر فذكر أول الحديث إلى قوله وحتى أكلوا العظام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : يا رسول الله استسق الله لمضر فإنهم قد هلكوا فقال لمضر إنك لجريء قال فدعا لهم فأنزل الله عز وجل إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون فذكر الحديث فظن صاحب المفهم أنها قصة واحدة وليس كذلك وقصة الدعاء على قريش كانت قبل بدر ولم ينقل فيها قنوت ولم يشهدها أبو هريرة وقريش هي من مضر وقصة القنوت كانت بعد خيبر بعد إسلام أبي هريرة وكان دعاؤه فيها على مضر وهو اسم جامع لقريش وغيرها وكان سبب القنوت قصة بئر معونة التي فيها السبعون من القراء فقنت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو عليهم وعمم الدعاء على مضر وليس بدعائه عليهم قبل بدر والله أعلم .

وجاء قوله كسني يوسف على إحدى اللغتين في أن سنين جمع سنة يعامل معاملة الجمع فحذف منه النون للإضافة وهي لغة ، واللغة الفصيحة بإثبات النون دائما وبالياء فقط والله أعلم .

(العاشرة) وقوله في الرواية ، ثم ترك الدعاء لهم يدل على أنه إنما ترك الدعاء للمستضعفين الذين كانوا يدعو لهم لا أصل القنوت وفي رواية لمسلم أن أبا هريرة قال فقلت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ترك الدعاء لهم قال فقيل : وما تراهم قد قدموا ، أي إن الذين كان يدعو لهم بالنجاة من المستضعفين نجاهم الله تعالى فلحقوا بأبي بصير فكانوا بسيف البحر يأخذون ما وجدوا لقريش حتى بعثت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله أن يرسل إليهم ليأتوه [ ص: 294 ] كما هو معروف في السير فأما أصل القنوت فلم يتركه كما ثبت في حديث أنس المذكور في آخر الباب .

(الحادية عشر) اختلف القائلون باستحباب القنوت في الصبح في كيفية القنوت فقال صاحب المفهم اتفقوا على أنه لا يتعين في القنوت دعاء مؤقت إلا ما روي عن بعض أهل الحديث في تخصيصهم بقنوت مصحف أبي بن كعب المروي أن جبريل علمه النبي صلى الله عليه وسلم وهو اللهم إنا نستعينك ونستغفرك إلى آخره وأنه لا يصلي خلف من لا يقنت بذلك واستحبه مالك واستحب الشافعي القنوت بالدعاء المروي عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخره .

قال وقد اختار بعض شيوخنا البغداديين الجمع بينهما وهو قول إسحاق والحسن بن حي وسبب الخلاف فيما ذكر اختلاف الأحاديث وهل كان ذلك مخصوصا بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا انتهى كلامه وما حكاه من الاتفاق على أنه لا يتعين فيه دعاء مؤقت إلا ما حكاه عن بعض أهل الحديث من تعين قنوت أبي ليس بجيد فإن الخلاف عندنا في تعين القنوت المروي في حديث الحسن فقد حكى فيه الرافعي وجهين : أحدهما أنه يتعين ككلمات التشهد والثاني وهو الأصح أنه لا يتعين فأما قنوت الحسن فرواه أصحاب السنن بلفظ علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر وفي رواية في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت لفظ أبي داود وقال الترمذي والنسائي في رواية له فإنك تقضي وقال ابن ماجه سبحانك ربنا وتعاليت .

وزاد فيه البيهقي بعد قوله إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت وزاد فيه ابن أبي عاصم في كتاب التوبة والمتابة نستغفرك اللهم ونتوب إليك وزاد فيه النسائي في آخره وصلى الله على النبي وفي رواية البيهقي عن محمد بن الحنفية أن عليا رضي الله عنه كان يدعو بهذا في قنوت صلاة الفجر وروى البيهقي من طرق عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء ليدعوا به في القنوت في صلاة الصبح وفي رواية له أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا في صلاة الصبح [ ص: 295 ] وفي وتر الليل قال البيهقي فدل هذا كله أن تعليم هذا الدعاء وقع لقنوت الصبح والوتر وأما القنوت الذي ذكر أنه روي أن جبريل علمه النبي صلى الله عليه وسلم فرواه البيهقي في سننه من رواية خالد بن أبي عمران قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر فذكر الحديث وفيه ، ثم علمه هذا القنوت اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق قال البيهقي هذا مرسل قال وقد روي عن عمر بن الخطاب صحيحا موصلا ، ثم رواه مع تقديم وتأخير وزيادة .

(الثانية عشرة) فيه استحباب الجهر بالقنوت للإمام ؛ لأن الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جهر به وإلا لما سمعوه أصحابه وقال البخاري في رواية له يجهر بذلك فصرح بالظاهر وعند أبي داود من حديث ابن عباس المتقدم في قنوته في الصلوات الخمس ويؤمن من خلفه وهذا يدل على الجهر أيضا وأخرجه الحاكم وصححه وما دل عليه الحديث من جهر الإمام بالقنوت هو الأصح عند أصحاب الشافعي وفي وجه يسر كسائر الأذكار وأما المنفرد فجزم القاضي حسين والبغوي والماوردي من أصحابنا أنه يسر بالقنوت وقال النووي في التحقيق إنه لا خلاف فيه انتهى .

وكلام البندنيجي يدل على الجهر فإنه عبر بقوله ويجهر به المصلي .

(الثالثة عشرة) وقوله في حديث أنس قنت شهرا بعد الركوع هكذا في أكثر الروايات في قصة قتل القراء ببئر معونة ورواه البيهقي من رواية حميد عن أنس دعا على من قتلهم خمس عشرة ليلة قال وكذلك رواه علقمة بن أبي علقمة عن أنس قال فدعا على من قتلهم خمسة عشر يوما قال البيهقي والرواية في الشهر أشهر وأكثر وأصح .

(الرابعة عشرة) استدل بعضهم بالقنوت في الصبح على أنها الصلاة الوسطى لقوله تعالى بعد ذكر الصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين وفيه نظر وقد اختلف في الصلاة الوسطى على سبعة عشر قولا حكاها الحافظ شرف الدين الدمياطي في كتابه كشف المغطى وقد تقدم الخلاف في ذلك في أوائل الصلاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية