صفحة جزء
وعن عبيد الله عن عائشة قالت بئس ما عدلتمونا بالكلب والحمار قد رأيت رسول الله يصلي وأنا معترضة بين يديه فإذا أراد أن يسجد غمز تعني رجلي فضممتها إلي وفي رواية لهما كنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي وإذا قام بسطتهما قالت والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح


(الحديث الثاني) وعن عبيد الله عن القاسم عن عائشة قالت بئسما عدلتمونا بالكلب والحمار قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين يديه فإذا أراد أن يسجد غمز . تعني رجلي فضممتهما إلي .

(فيه) فوائد :

(الأولى) فيه أن الصلاة إلى النائم وإن كان امرأة لا يقطع الصلاة وقد تقدم (الثانية) ذكر ابن عبد البر أن حديث عائشة هذا ناسخ أو معارض لحديث أبي ذر عند أكثر العلماء انتهى .

وما ذكره من النسخ واضح لأن النسخ وإن كان لا يصار إليه إلا عند معرفة التاريخ فإنا نعلم أزواجه خصوصا عائشة ما حكينه عنه مما يتكرر في كل ليلة هو الناسخ على تقدير عدم إمكان الجمع لأنه لو حدث شيء علمن به وقد علم التاريخ في حديث ابن عباس كونه في حجة الوداع [ ص: 391 ] لكن حديث ابن عباس ليس صريحا في مخالفة حديث أبي ذر وأبي هريرة لأن ابن عباس قال فيه فمررت بين يدي بعض الصف ولا يلزم منه أنه مر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا الأتان التي كان عليها والإمام سترة للمأمومين وإن لم يكن بين يديه سترة على أن البخاري قد بوب عليه باب (سترة الإمام سترة من خلفه فيقتضي) أنه كان بين يديه سترة ولا يلزم من قوله فيه إلى غير جدار أن لا يكون ثم سترة وإن كان الشافعي قد فسر قوله إلى غير جدار أن المراد إلى غير سترة كما تقدم .

(الثالثة) إذا قلنا لا يصار للنسخ حتى يعرف التاريخ ويتعذر الجمع ولم ينقل تاريخ حديث عائشة وإن كان الظاهر تأخره فقد جمع بعضهم بين الحديثين فقال الخطابي يحتمل أن يتأول حديث أبي ذر على أن هذه الأشخاص إذا مرت بين يدي المصلي قطعته عن الذكر وشغلت قلبه عن مراعاة الصلاة فذلك معنى قطعها للصلاة دون إبطالها من أصلها حتى يكون فيها وجوب الإعادة .

وما حكاه الخطابي احتمالا حكاه النووي في الخلاصة عن الجمهور أنهم تأولوا القطع على قطع الذكر والخشوع .

وحكى صاحب المفهم عن الجمهور أنهم تأولوه بأن ذلك مبالغة في الخوف على قطعها وإفسادها بالشغل بهذه المذكورات وذلك أن المرأة تفتن والحمار ينهق والكلب يروع فيشوش الفكر في ذلك حتى تنقطع عليه الصلاة وتفسد فلما كانت هذه الأمور آيلة إلى القطع جعلها قاطعة كما قال للمادح قطعت عنق أخيك أي فعلت به فعلا يخاف هلاكه منه كمن قطع عنقه .

(الرابعة) حمل بعضهم حديث قطع المرأة الصلاة على أن المراد الحائض حكاه الخطابي عن ابن عباس وعطاء بن أبي رباح أنه يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض وعلله صاحب 3 المفهم في الحائض بما تستصحبه من النجاسات .

ويدل لذلك ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عباس رفعه شعبة قال يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب لفظ أبي داود وصرح ابن ماجه بقوله عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو من طريق شعبة قال أبو داود وقفه سعيد وهشام وهمام عن قتادة عن ابن عباس ويعارضه ما رواه أبو داود أيضا عن عائشة كنت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة قال شعبة وأحسبها قالت وأنا حائض ثم ذكر أبو داود أحد عشر رووه لم يذكروا وأنا حائض وهذا وإن اختلف فيه حديث عائشة فقد صح من حديث [ ص: 392 ] ميمونة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا حذاءه وأنا حائض وربما أصابني ثوبه إذا سجد متفق عليه وهذا لفظ رواية مسلم وفي رواية للبخاري كان فراشي حيال مصلى النبي صلى الله عليه وسلم وبوب عليه باب (إذا صلى إلى فراش فيه حائض) لكن الرواية المشهورة التي اتفقنا على لفظها وأنا إلى جنبه .

(الخامسة) جعل بعضهم العلة في قطع الكلب الأسود والحمار والمرأة ما ذكر فيها من وصف الشيطان فأما الكلب فقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم الكلب الأسود شيطان قاله لأبي ذر حين سأله عن تخصيص ذلك بالأسود كما ثبت في صحيح مسلم وأما الحمار ففي الحديث الصحيح أيضا إذا سمعتم نهاق الحمائر فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا متفق عليه من حديث أبي هريرة .

ولأبي داود من حديث جابر إذا سمعتم نباح الكلب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله الحديث .

وأما المرأة فعند الترمذي المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وفي حديث آخر النساء حبائل الشيطان ويعارض هذا صلاته صلى الله عليه وسلم إلى البعير .

كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر وقد صح عنه أنه قال في الإبل أنها خلقت من الجن وفي حديث آخر على ذروة كل بعير شيطان ومع ذلك فقد صلى إليها بل قد مر نفس الشيطان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فلم يقطع صلاته بل خنقه وهو في الصلاة كما ثبت في الصحيح فدل على أن المراد اتقاء ما يشغل المصلي .

(السادسة) قد ورد مما يقطع الصلاة غير الثلاثة المذكورة الذين وصفوا بوصف الشيطان أو بكونه معهم وذلك فيما رواه أبو داود من حديث ابن عباس قال أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة الحديث تكلم فيه أبو داود وقال فيه نكارة وأحسب الوهم من ابن أبي سمينة قال والمنكر فيه ذكر المجوسي وذكر الخنزير ولأحمد من حديث عائشة ذكر الكافر فيما يقطع الصلاة وسيأتي في الفائدة الثامنة عشرة من هذا الحديث .

(السابعة) أشار ابن بطال إلى كون الصلاة إلى المرأة من الخصائص كما قالت عائشة في القبلة للصائم وأيكم كان يملك إربه الحديث فقال ووجه كراهيتهم لذلك والله أعلم لأن الصلاة موضوعة للإخلاص والخشوع والمصلي خلف المرأة الناظر إليها تخشى عليه الفتنة بها والاشتغال بنظره إليها لأن النفوس مجبولة على ذلك والناس [ ص: 393 ] لا يقدرون من ملك آرابهم على مثل ما كان يقدر عليه صلى الله عليه وسلم من ذلك فلذلك صلى هو خلف المرأة حين أمن من شغل باله بها ولم تشغله عن صلاته انتهى .

ولك أن تقول الأصل عدم التخصيص حتى يصح ما يدل عليه والله أعلم .

(الثامنة) أجاب بعضهم عن حديث عائشة بأنه ليس فيه مرور وإنما يقطع المرور بين يدي المصلي وأما كون المرأة كالسترة للمصلي فلا تقطع الصلاة وإنما كرهه بعضهم قال ابن بطال كره كثير من أهل العلم أن تكون المرأة سترة للمصلي قال مالك في المختصر ولا يستتر بالمرأة وأرجو أن تكون السترة بالصبي واسعة قال وقال الشافعي لا يستتر بامرأة ولا دابة وأشار ابن عبد البر إلى أن مرور المرأة أخف من الصلاة إليها فقال في التمهيد وكيف تقطع الصلاة بمرورها وفي هذا الحديث أن اعتراضها في القبلة نفسها لا يضر ؟ قلت في حديث عائشة المتفق عليه ما يشير إلى أن المرور أشد فإنها قالت فأكره أن أسنحه فأنسل من قبل رجلي السرير وفي رواية لهما فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنسل من عند رجليه أي من عند رجلي السرير .

(التاسعة) لقائل أن يقول إن عائشة لم يكن بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم سترة بل كان السرير الذي عليه عائشة هو السترة وكأن عائشة من وراء السترة لأن قوائم السرير التي تلي النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها والدليل على ذلك ما اتفق عليه الشيخان من رواية الأسود عن عائشة لقد رأيتني مضطجعة على السرير فيجيء النبي صلى الله عليه وسلم فيتوسط السرير فيصلي الحديث وعلى هذا فلا يكون في حديث عائشة ما ينافي حديث أبي ذر وأبي هريرة في قطع المرأة الصلاة لوجود السترة هنا والله أعلم .

(العاشرة) إن قال قائل قد ثبت حديث أبي ذر في قطع المرأة للصلاة وكذلك حديث أبي هريرة وليس في حديث عائشة هنا تعميم لكون النساء لا يقطعن فلو قال قائل إنما يقطع الصلاة المرأة الأجنبية خوف الافتتان بها فأما زوجته ومحرمه فلا يضر وإنما نقل أنه صلى الله عليه وسلم صلى وبين يديه عائشة وميمونة كما تقدم وكذلك عند أبي داود وابن ماجه أن أم سلمة كان فراشها بحيال مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد أحمد وكان يصلي وأنا حياله والجواب عن ذلك أنه لا قائل بالفرق بين الأجنبية وغيرها في ذلك وأيضا فقد ورد مرور الأجنبية فيما رواه أبو داود والنسائي من حديث [ ص: 394 ] ابن عباس قال جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فنزل ونزلت وتركنا الحمار أمام الصف فما بالاه وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب فدخلتا بين الصف فما بالا ذلك وقال مالك في المجموعة ولا يصلي وبين يديه امرأة وإن كانت أمه أو أخته إلا أن يكون دونها سترة .

(الحادية عشرة) قول عائشة بئس ما عدلتمونا أرادت بخطابها ذلك ابن أختها عروة وأبا هريرة فروى مسلم من رواية عروة بن الزبير قال قالت عائشة ما يقطع الصلاة قال قلت المرأة والحمار فقالت إن المرأة لدابة سوء فذكرت الحديث .

وروى ابن عبد البر من رواية القاسم قال بلغ عائشة أن أبا هريرة يقول إن المرأة تقطع الصلاة فذكرت الحديث .

(الثانية عشرة) فإن قيل كيف أنكرت عائشة على من ذكر المرأة مع الحمار والكلب فيما يقطع الصلاة وهي قد روت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه أحمد في المسند بلفظ لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار والكافر والكلب والمرأة فقالت عائشة يا رسول الله قد قرنا بدواب سوء .

والجواب إن عائشة لم تنكر ورود الحديث ولم تكن لتكذب أبا هريرة وأبا ذر وإنما أنكرت كون الحكم باقيا هكذا فلعلها كانت ترى نسخه بحديثها الذي ذكرته أو كانت تحمل قطع الصلاة على محمل غير البطلان والظاهر أنها رأت تغيير الحكم بالنسبة إلى المرأة وإلى الحمار أيضا فقد حكى ابن عبد البر أنها كانت تقول يقطع الصلاة الكلب الأسود وهذا كقول أحمد وإسحاق والله أعلم .

(الثالثة عشرة) استدل ابن عبد البر بغمزه صلى الله عليه وسلم رجل عائشة على أن مطلق اللمس ليس بناقض للوضوء وإن كان يحتمل أن يغمزها على الثوب أو يضربها بكمه ونحو ذلك ثم حكى اختلاف العلماء في ذلك فقال سفيان الثوري وأبو حنيفة والأوزاعي فيما حكاه الطبري عنه وأكثر أهل العراق لا ينقض اللمس من غير جماع قال أبو حنيفة إلا أن يقصد مسها لشهوة وانتشر .

وقال مالك وأحمد وإسحاق بنقض اللمس بشهوة ولذة وأراد مالك والليث ولو كان من فوق حائل قال محمد بن نصر ولم أره لغيرهما وقال الشافعي والأوزاعي فيما حكاه محمد بن نصر المروزي ينقض اللمس مطلقا بشهوة وغيرها ما لم يكن بينهما محرمية على ما هو معروف في موضعه .

قلت وليس في هذا الحديث حجة لمن لم ير النقض بمطلق اللمس لأن عائشة كانت مستترة مغطاة باللحاف كما [ ص: 395 ] ثبت في الصحيحين من رواية الأسود عنها فأنسل من قبل رجلي السرير حتى أنسل من لحافي .

(الرابعة عشرة) إذا قلنا بقطع المرأة ومن ذكر معها الصلاة بمروره أو استقباله فما مقدار المسافة بين يدي المصلي التي يحصل بها المحذور ؟ والجواب أنه إنما يحرم أو يكره إذا كان على دون ثلاثة أذرع لأنه مقدار السترة فإن زاد على الثلاثة فلا يضر وقال بعضهم ستة أذرع وقال بعضهم قذفة بحجر ويدل له ما رويناه في بعض طرق الحديث عند أبي داود من حديث ابن عباس قال أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة ويجزي عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر قال أبو داود في نفسي من هذا الحديث شيء وأحسب الوهم من ابن أبي سمينة والمنكر فيه ذكر المجوسي وفيه على قذفة بحجر وذكر الخنزير وفيه نكارة وليس كلام أبي داود هذا ثابتا في أصل سماعنا من السنن وهو ثابت في كثير من النسخ الصحيحة .

(الخامسة عشرة) في غمزه صلى الله عليه وسلم رجلي عائشة أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وهو كذلك فإن قيل ففي بعض طرق أبي داود غمزني فقال تنحي فهذا يدل على أن غمزه لها لم يكن في الصلاة لقوله مع الغمزة تنحي والجواب أن الغمز مع قوله تنحي إنما هو إذا أراد أن يوتر بين الفراغ من التهجد وبين الوتر كما هو مصرح به في هذه الرواية فإنها قالت فيصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمامه فإذا أراد أن يوتر زاد عثمان غمزني ثم اتفقا فقال تنحي وهذا كقوله في الحديث الآخر حتى إذا أراد أن يوتر أيقظها فأوترت .

(السادسة عشرة) قول الراوي عن عائشة أو من بعده تعني رجلي هكذا وقع في المسند بزيادة تعني والحديث عند البخاري بدونها غمز رجلي وفائدة زيادة تعني هنا أنه سقط ذكر رجلي عند بعض الرواة وعلم من بعده أن من قبله أتى بها وإنما سقطت من بعض الرواة بعده وقد روى الخطيب في الكفاية بإسناده عن أحمد بن حنبل قال سمعت وكيعا يقول أنا أستعين في الحديث بيعني وفعل الخطيب ذلك في حديث رواه عن ابن عمر بن مهدي عن القاضي المحاملي بإسناده عن عروة يعني عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فأرجله .

قال الخطيب كان في أصل ابن مهدي عن عمرة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فألحقنا فيه ذكر عائشة [ ص: 396 ] إذ لم يكن منه بد وعلمنا أن المحاملي كذلك رواه وإنما سقط من كتاب شيخنا أبي عمرو قلنا فيه يعني عن عائشة لأجل أن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك قال الخطيب وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل مثل هذا قال ابن الصلاح وهذا إذا كان شيخه قد رواه له على الخطأ أما إذا وجد ذلك في كتابه وغلب على ظنه أن ذلك من الكتاب لا من شيخه فيتجه هنا إصلاح ذلك في كتابه وفي روايته عند تحديثه به معا .

(السابعة عشرة) قول عائشة والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح أرادت حينئذ لأنه لا يعهد وقود المصابيح في اليوم وهو النهار والعرب تعبر باليوم عن الحين والوقت كما تعبر به عن النهار وهو مشهور عندهم .

(الثامنة عشرة) وفي قول عائشة بيان لما كانوا عليه من ضيق العيش إذ لم يكونوا يسرجون في بيوتهم مصابيح قال ابن عبد البر وفيه أنها إذ حدثت بهذا الحديث كانت في بيوتهم المصابيح وذلك أن الله تعالى فتح عليهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا فوسعوا على أنفسهم إذ وسع الله عليهم .

(التاسعة عشرة) فإن قيل قد جعلتم أن قولها يومئذ المراد به الحين والزمن فيحتمل أن تريد بذلك الوقت صلاته صلى الله عليه وسلم من آخر الليل لا كل الليل وإنما كانوا يطفئون مصابيحهم عند النوم كقوله في حديث جابر في الصحيح وأطفئوا مصابيحكم فإنما هو عند النوم وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يجلس في بيت مظلم حتى يوقد له وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي هريرة في قصة الأنصاري الذي نزلت فيه ويؤثرون على أنفسهم الآية أنه قال لامرأته وتعالي فأطفئ السراج فدل ذلك على أنهم كانت لهم مصابيح في بيوتهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم غير أنها كانت تطفأ عند النوم والجواب أن هذا وإن كان محتملا إلا أن قولها ليس فيها مصابيح ظاهر في مطلق النفي وإن حدثت بعد ذلك في زمنه صلى الله عليه وسلم ويدل على ذلك قول عائشة في بعض طرقه إذ سئلت عن ذلك لو كان لنا مصباح لأكلناه وأما كونه لا يقعد في بيت مظلم فهذا لا يثبت وقد ضعفه ابن حبان والله أعلم .

(الفائدة العشرون) ذكر الشيخ تقي الدين القشيري ما حاصله أن قصة عائشة في كونها في قبلته صلى الله عليه وسلم وهي راقدة ليس يبين مساواتها لمرور المرأة لأنها ذكرت أن البيوت حينئذ ليس فيها مصابيح فلعل سبب هذا الحكم عدم المشاهدة لها .

التالي السابق


الخدمات العلمية