صفحة جزء
[ ص: 103 ] أقسام الحديث


11 . وأهل هذا الشأن قسموا السنن إلى صحيح وضعيف وحسن      12 . فالأول المتصل الإسناد
بنقل عدل ضابط الفؤاد      13 . عن مثله من غير ما شذوذ
وعلة قادحة فتوذي


أي : وأهل الحديث . قال الخطابي في معالم السنن : "اعلموا أن الحديث عند أهله على ثلاثة أقسام : حديث صحيح ، وحديث حسن وحديث سقيم; فالصحيح عندهم : ما اتصل سنده وعدلت نقلته" . فلم يشترط الخطابي في الحد ضبط الراوي ، ولا سلامة الحديث من الشذوذ والعلة . ولا شك أن ضبط الراوي لا بد من اشتراطه; لأن من كثر الخطأ في حديثه ، وفحش; استحق الترك ، وإن كان عدلا .

وأما السلامة من الشذوذ والعلة ، فقال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في الاقتراح : "إن أصحاب الحديث زادوا ذلك في حد الصحيح . قال : وفي هذين الشرطين نظر على مقتضى نظر الفقهاء ، فإن كثيرا من العلل التي يعلل بها المحدثون لا تجري على أصول الفقهاء" [ ص: 104 ] .

قلت : قد احترزت بقولي : (قادحة) ، عن العلة التي لا تقدح في صحة الحديث . فقولي : ( المتصل الإسناد ) ، احتراز عما لم يتصل وهو المنقطع ، والمرسل ، والمعضل ، وسيأتي إيضاحها . وقولي : ( بنقل عدل ) ، احتراز عما في سنده من لم تعرف عدالته ، إما بأن يكون عرف بالضعف أو جهل عينا ، أو حالا ، كما سيأتي في بيان المجهول . وقولي : ( ضابط ) ، احتراز عما في سنده راو مغفل ، كثير الخطأ ، وإن عرف بالصدق والعدالة . وقولي : و ( غير ما شذوذ وعلة قادحة ) ، احتراز عن الحديث الشاذ والمعلل ، بعلة قادحة . وما : هنا مقحمة . ولم يذكر ابن الصلاح في نفس الحد قادحة ولكنه ذكره بعد سطر فيما احترز عنه ، فقال : "وما فيه علة قادحة" . قال ابن الصلاح :

"فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث" . وإنما قيد نفي الخلاف بأهل الحديث; لأن بعض متأخري المعتزلة يشترط العدد في الرواية كالشهادة ، حكاه الحازمي في شروط الأئمة . قال ابن دقيق العيد : "لو قيل : في هذا : الحديث الصحيح المجمع على صحته ، هو كذا وكذا إلى آخره لكان حسنا; لأن من لا يشترط مثل هذه الشروط ، لا يحصر الصحيح في هذه الأوصاف . قال : ومن شرط الحد أن يكون جامعا مانعا" .

التالي السابق


الخدمات العلمية