صفحة جزء
[ ص: 268 ] الأفراد


186 . الفرد قسمان ، ففرد مطلقا وحكمه عند الشذوذ سبقا      187 . والفرد بالنسبة ما قيدته
بثقة ، أو بلد ذكرته      188 . أو عن فلان نحو قول القائل
لم يروه عن (بكر) إلا (وائل)      189 . لم يروه ثقة إلا ضمره
لم يرو هذا غير أهل البصره      190 . فإن يريدوا واحدا من أهلها
تجوزا ، فاجعله من أولها      191 . وليس في أفراده النسبيه
ضعف لها من هذه الحيثيه      192 . لكن إذا قيد ذاك بالثقه
فحكمه يقرب مما أطلقه


الأفراد منقسمة إلى : ما هو فرد مطلقا ، وهو ما ينفرد به واحد عن كل أحد . وقد سبق حكمه ومثاله في قسم الشاذ . وإلى ما هو فرد بالنسبة إلى جهة خاصة . كتقييد الفردية بثقة ، أو بلد معين ، كمكة والبصرة ، والكوفة ، أو بكونه لم يروه من أهل البصرة ، أو الكوفة - مثلا - إلا فلان ، أو لم يروه عن فلان إلا فلان . ونحو ذلك . فمثال تقييد الانفراد بكونه لم يروه عن فلان إلا فلان : حديث رواه أصحاب السنن [ ص: 269 ] الأربعة من طريق سفيان بن عيينة ، عن وائل بن داود ، عن ابنه بكر بن وائل ، عن الزهري ، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أو لم على صفية بسويق ، وتمر " . قال الترمذي : حديث غريب . وقال ابن طاهر في أطراف الغرائب : غريب من حديث بكر بن وائل عنه . تفرد به وائل بن داود ، ولم يروه عنه غير سفيان بن عيينة . انتهى . فلا يلزم من تفرد وائل به عن ابنه بكر تفرده به مطلقا . فقد ذكر الدارقطني في العلل أنه رواه محمد بن الصلت التوزي ، عن ابن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن الزهري ، قال : ولم يتابع عليه . والمحفوظ عن ابن عيينة ، عن وائل ، عن ابنه . ورواه جماعة عن ابن عيينة ، عن الزهري بغير واسطة .

ومثال تقييد الانفراد بالثقة : حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الأضحى ، والفطر : بقاف ، واقتربت الساعة . رواه مسلم وأصحاب السنن من رواية ضمرة بن [ ص: 270 ] سعيد المازني ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبي واقد الليثي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا الحديث لم يروه أحد من الثقات إلا ضمرة .

قال شيخنا علاء الدين ابن التركماني في " الدر النقي " : مداره على ضمرة - يريد حديث أبي واقد - . وإنما قيدت هذا الحديث بقولي : أحد من الثقات; لأن الدارقطني رواه من رواية ابن لهيعة ، عن خالد بن يزيد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وابن لهيعة ضعفه الجمهور .

ومثال ما انفرد به أهل بلدة : ما رواه أبو داود عن أبي الوليد الطيالسي ، عن همام ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، قال : " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقرأ بفاتحة الكتاب ، وما تيسر " . قال الحاكم : تفرد بذكر الأمر فيه أهل البصرة من أول الإسناد إلى آخره . ولم يشركهم في هذا اللفظ سواهم . ونحو حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ومسح رأسه بماء غير فضل يده " رواه [ ص: 271 ] مسلم وأبو داود والترمذي . قال الحاكم : هذه سنة غريبة تفرد بها أهل مصر ولم يشاركهم فيها أحد .

وقوله : ( فإن يريدوا واحدا من أهلها ) أي : فإن يريدوا بقولهم : انفرد به أهل البصرة ، أو هو من أفراد البصريين ، ونحو ذلك واحدا من أهل البصرة انفرد به متجوزين بذلك كما يضاف فعل واحد من قبيلة إليها مجازا فاجعله من القسم الأول ، وهو الفرد المطلق . مثاله ما تقدم عند ذكر المنكر من رواية أبي زكير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعا : كلوا البلح بالتمر . . . الحديث . قال الحاكم : هو من أفراد البصريين عن المدنيين تفرد به أبو زكير ، عن هشام بن عروة . انتهى . فجعله من أفراد البصريين ، وأراد به واحدا منهم .

وليس في أقسام الفرد المقيد بنسبة إلى جهة خاصة ما يقتضي الحكم بضعفها من حيث كونها أفرادا ، لكن إذا كان القيد بالنسبة لرواية الثقة كقولهم : لم يروه ثقة إلا فلان ، فإن حكمه قريب من حكم الفرد المطلق; لأن رواية غير الثقة كلا رواية ، إلا أن يكون قد بلغ رتبة من يعتبر بحديثه . فلهذا قيل : (يقرب) . ولم يجعل حكمه حكم الفرد المطلق من كل وجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية