صفحة جزء
[ ص: 272 ] المعلل


193 . وسم ما بعلة مشمول معللا ، ولا تقل : معلول      194 . وهي عبارة عن اسباب طرت
فيها غموض وخفاء أثرت      195 . تدرك بالخلاف والتفرد
مع قرائن تضم ، يهتدي      196 . جهبذها إلى اطلاعه على
تصويب إرسال لما قد وصلا      197 . أو وقف ما يرفع ، أو متن دخل
في غيره ، أو وهم واهم حصل      198 . ظن فأمضى ، أو وقف فأحجما
مع كونه ظاهره أن سلما


أي : وسم الحديث الذي شملته علة من علل الحديث معللا . ولا تسمه معلولا . وقد وقع في عبارة كثير من أهل الحديث تسميته بالمعلول . وذلك موجود في كلام الترمذي ، وابن عدي ، والدارقطني ، وأبي يعلى الخليلي ، والحاكم وغيرهم . قال ابن الصلاح : "وذلك منهم ، ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس : العلة والمعلول [ ص: 273 ] مرذول عند أهل العربية واللغة" . وقال النووي : "إنه لحن" . قلت : والأجود في تسميته : المعل . وكذلك هو في عبارة بعضهم . وأكثر عباراتهم في الفعل منه ، أنهم يقولون : أعله فلان بكذا . وقياسه : معل . وهو المعروف في اللغة . قال الجوهري : لا أعلك الله ، أي : لا أصابك بعلة . وقال صاحب المحكم : واستعمل أبو إسحاق لفظة المعلول في المتقارب من "العروض" . ثم قال : والمتكلمون يستعملون لفظة المعلول في مثل هذا كثيرا . قال : وبالجملة فلست منه على ثقة ولا ثلج; لأن [ ص: 274 ] المعروف إنما هو أعله الله ، فهو معل . اللهم إلا أن يكون على ما ذهب إليه سيبويه ، من قولهم : مجنون ، ومسلول من أنهما جاءا على جننته وسللته; وإن لم يستعملا في الكلام استغني عنهما بـ : أفعلت ، قالوا : وإذا قالوا : جن وسل . فإنما يقولون جعل فيه الجنون والسل . كما قالوا : حرق وفسل . انتهى .

وأما علله ، فإنما يستعملها أهل اللغة بمعنى : ألهاه بالشيء وشغله به . من تعليل الصبي بالطعام .

والعلة عبارة عن أسباب خفية غامضة ، طرأت على الحديث ، فأثرت فيه ، أي : قدحت في صحته . وحذفت همزة طرأت في النظم تخفيفا ، وأنشد الأخفش :


إذا قل مال المرء قل صديقه وأومت إليه بالعيوب الأصابع



حكاه صاحب المحكم في مادة : روى ، مثالا لحرف الروي .

[ ص: 275 ] وتدرك العلة بتفرد الراوي ، وبمخالفة غيره له ، مع قرائن تنضم إلى ذلك يهتدي الجهبذ ، أي : الناقد بذلك إلى اطلاعه على إرسال في الموصول ، أو وقف في المرفوع ، أو دخول حديث في حديث ، أو وهم واهم بغير ذلك ، بحيث غلب على ظنه ذلك ، فأمضاه ، وحكم به ، أو تردد في ذلك فوقف وأحجم عن الحكم بصحة الحديث . وإن لم يغلب على ظنه صحة التعليل بذلك مع كون الحديث المعل ظاهره السلامة من العلة .

وإن ، في قولي : ( إن سلما ) ، مصدرية . قال الخطيب : السبيل إلى معرفة علة الحديث أن تجمع بين طرقه ، وتنظر في اختلاف رواته ، وتعتبر بمكانهم من الحفظ ، ومنزلتهم في الإتقان والضبط . وقال ابن المديني : "الباب إذا لم تجمع طرقه ، لم يتبين خطؤه" .

ومثال العلة في الحديث ، حديث رواه الترمذي وحسنه ، أو صححه وابن حبان ، والحاكم وصححه من رواية ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن [ ص: 276 ] سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعا : " من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ، . . . الحديث" . قال الحاكم في علوم الحديث : هذا حديث من تأمله لم يشك أنه من شرط الصحيح ، وله علة فاحشة . ثم روى أن مسلما جاء إلى البخاري فسأله عن علته ، فقال محمد بن إسماعيل : هذا حديث مليح ، ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث الواحد ، إلا أنه معلول . حدثنا به موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا وهيب ، قال : حدثنا سهيل ، عن عون بن عبد الله ، قوله . قال البخاري : هذا أولى فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماع من سهيل . هكذا أعل الحاكم في علومه هذا الحديث بهذه الحكاية . وغالب ظني أن هذه الحكاية ليست بصحيحة ، وأنا أتهم بها أحمد بن حمدون القصار راويها عن مسلم .

وقد بينت ذلك في النكت التي على كتاب ابن الصلاح .



التالي السابق


الخدمات العلمية