صفحة جزء

279 . وقدموا الجرح ، وقيل : إن ظهر من عدل الأكثر فهو المعتبر


إذا تعارض الجرح والتعديل في راو واحد . فجرحه بعضهم ، وعدله بعضهم ، ففيه ثلاثة أقوال :

أحدها : أن الجرح مقدم مطلقا ، ولو كان المعدلون أكثر . ونقله الخطيب عن جمهور العلماء . وقال ابن الصلاح : إنه الصحيح وكذا صححه الأصوليون ، كالإمام فخر الدين [ ص: 345 ] والآمدي; لأن مع الجارح زيادة علم ، لم يطلع عليها المعدل; ولأن الجارح مصدق للمعدل فيما أخبر به عن ظاهر حاله ، إلا أنه يخبر عن أمر باطن خفي عن المعدل .

والقول الثاني : أنه إن كان عدد المعدلين أكثر قدم التعديل . حكاه الخطيب في “ الكفاية “ ، وصاحب المحصول ; وذلك لأن كثرة المعدلين تقوي حالهم ، وتوجب العمل بخبرهم . وقلة الجارحين تضعف خبرهم . قال الخطيب : وهذا خطأ وبعد ممن توهمه; لأن المعدلين ، وإن كثروا ليسوا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون . ولو أخبروا بذلك لكانت شهادة باطلة على نفي .

والقول الثالث : أنه يتعارض الجرح والتعديل فلا يرجح أحدهما ، إلا بمرجح ، حكاه ابن الحاجب . وكلام الخطيب يقتضي نفي هذا القول الثالث . فإنه قال : اتفق أهل العلم على أن من جرحه الواحد والاثنان ، وعدله مثل عدد من جرحه ، فإن الجرح به أولى . ففي هذه الصورة حكاية الإجماع على تقديم الجرح ، خلاف ما حكاه ابن الحاجب .

وقولي : ( الأكثر ) ، هو في موضع الحال ، وجاء معرفا ، كما قرئ في الشاذ قوله تعالى : ليخرجن الأعز منها الأذل . على أن (يخرج) : ثلاثي قاصر ، و (الأذل) : في موضع الحال .



التالي السابق


الخدمات العلمية