صفحة جزء
[ ص: 346 ]

280 . ومبهم التعديل ليس يكتفي به الخطيب والفقيه ( الصيرفي )      281 . وقيل : يكفي ، نحو أن يقالا :
حدثني الثقة ، بل لو قالا :      282 . جميع أشياخي ثقات لو لم
أسم ، لا يقبل من قد أبهم      283 . وبعض من حقق لم يرده
من عالم في حق من قلده


التعديل على الإبهام من غير تسمية المعدل ، كما إذا قال : حدثني الثقة ، ونحو ذلك ، من غير أن يسميه; لا يكتفى به في التوثيق ، كما ذكره الخطيب أبو بكر ، والفقيه أبو بكر الصيرفي ، وأبو نصر بن الصباغ من الشافعية ، وغيرهم . وحكى ابن الصباغ في ( العدة ) عن أبي حنيفة أنه يقبل ، وهو ماش على قول من يحتج بالمرسل ، وأولى بالقبول . والصحيح الأول; لأنه وإن كان ثقة عنده ، فربما لو سماه لكان ممن جرحه غيره بجرح قادح . بل إضرابه عن تسميته ريبة توقع ترددا في القلب . بل زاد الخطيب على هذا بأنه لو صرح بأن جميع شيوخه ثقات ، ثم روى عمن لم يسمه ، أنا لا نعمل بتزكيته له . قال الخطيب في “ الكفاية “ : "إذا قال العالم كل من رويت عنه فهو ثقة ، وإن لم أسمه . ثم روى عمن لم يسمه ، فإنه يكون مزكيا له . غير أنا لا نعمل على تزكيته; لجواز أن نعرفه إذا ذكره بخلاف العدالة" . نعم ، إذا قال العالم : كل من أروي لكم عنه وأسميه فهو عدل مرضي مقبول الحديث كان هذا القول [ ص: 347 ] تعديلا لكل من روى عنه وسماه . هكذا جزم به الخطيب ، قال : وكان ممن سلك هذه الطريقة عبد الرحمن بن مهدي . زاد البيهقي مع ابن مهدي مالك بن أنس ، ويحيى بن سعيد القطان . قال : وقد يوجد في رواية بعضهم الرواية عن بعض الضعفاء لخفاء حاله عليه ، كرواية مالك ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق .

وفي التعديل على الإبهام قولان آخران :

أحدهما : أنه يقبل مطلقا ، كما لو عينه; لأنه مأمون في الحالتين معا .

القول الثاني : وهو ما حكاه ابن الصلاح عن اختيار بعض المحققين أنه إن كان القائل لذلك عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه كقول مالك : أخبرني الثقة ، وكقول الشافعي ذلك أيضا في مواضع . وعليه يدل كلام ابن الصباغ في العدة ، فإنه قال : إن الشافعي لم يورد ذلك احتجاجا بالخبر على غيره ، وإنما ذكر لأصحابه قيام الحجة عنده على الحكم . وقد عرف هو من روى عنه [ ص: 348 ] ذلك . وقد بين بعض العلماء بعض ما أبهما من ذلك باعتبار شيوخهما . فحيث قال مالك : عن الثقة -عنده- عن بكير بن عبد الله بن الأشج . فالثقة مخرمة بن بكير . وحيث قال : عن الثقة ، عن عمرو بن شعيب ، فقيل : الثقة عبد الله بن وهب ، وقيل : الزهري . ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر . وقال أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم الأثري السجستاني في كتاب فضائل الشافعي : سمعت بعض أهل المعرفة بالحديث يقول : إذا قال الشافعي في كتبه : أخبرنا الثقة ، عن ابن أبي ذئب ، فهو ابن أبي فديك . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، عن الليث بن سعد ، فهو يحيى بن حسان . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، عن الوليد بن كثير فهو أبو أسامة . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، [ ص: 349 ] عن الأوزاعي ، فهو عمرو بن أبي سلمة . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، عن ابن جريج ، فهو مسلم بن خالد . وإذا قال : أخبرنا الثقة ، عن صالح مولى التوأمة ، فهو إبراهيم بن أبي يحيى .

التالي السابق


الخدمات العلمية