صفحة جزء

561 . وينبغي إعجام ما يستعجم وشكل ما يشكل لا ما يفهم      562 . وقيل : كله لذي ابتداء
وأكدوا ملتبس الأسماء      563 . وليك في الأصل وفي الهامش مع
تقطعيه الحروف فهو أنفع


[ ص: 465 ] ينبغي لطالب العلم ضبط كتابه بالنقط والشكل ليؤديه كما سمعه فقد روينا عن الأوزاعي ، قال: العجم نور الكتاب ، قال ابن خلاد : هكذا الحديث ، والصواب الإعجام ، وهو النقط ، أي يبين التاء من الياء ، والحاء من الخاء ، قال: والشكل تقييد الإعراب. ثم اختلفوا هل يقتصر على ضبط المشكل ، أو يضبطه هو وغيره ؟ فقال علي بن إبراهيم البغدادي في كتاب " سمات الخط ورقومه " : إن أهل العلم يكرهون الإعجام والإعراب إلا في الملتبس. وقال القاضي عياض : النقط والشكل متعين فيما يشكل ويشتبه. وقال ابن خلاد : قال أصحابنا: أما النقط فلا بد منه; لأنه لا تضبط الأشياء المشكلة إلا به ، وقالوا: إنما يشكل ما يشكل ولا حاجة إلى الشكل مع عدم الإشكال ، قال: وقال آخرون: الأولى أن يشكل الجميع. قال القاضي عياض : وهذا هو الصواب لا سيما للمبتدئ وغير المتبحر في العلم فإنه لا يميز ما يشكل مما لا يشكل ، ولا صواب وجه الإعراب للكلمة من خطئه .

[ ص: 466 ] وقولي: ( كله ) ، مخفوض بالإضافة ، أي وقيل ينبغي شكل كله. وقولي: ( لذي ابتداء ) ، ليس بقيد بمعنى أنه يشكل للمبتدئ فقط ، وإنما هو كالتعليل لمن يقول يشكل الكل لأجل المبتدئ ، فهو مشكل عليه ، وربما ظن أن الشيء غير مشكل لوضوحه ، وهو في الحقيقة محل نظر محتاج إلى الضبط.

ووقع بين العلماء خلاف في مسائل مرتبة على إعراب الحديث ، كحديث : " ذكاة الجنين ذكاة أمه " ، فاستدل به الجمهور ، كالشافعية والمالكية وغيرهم ، على أنه لا تجب ذكاة الجنين ، بناء على أن قوله: " ذكاة أمه " مرفوع ، وهو المشهور في الرواية. ورجح الحنفيون الفتح على التشبيه ، أي: يذكى مثل ذكاة أمه ، ونحو ذلك من الأحاديث التي يترتب الاحتجاج بها على الإعراب. ثم إنه ينبغي الاعتناء بضبط ما يلتبس من الأسماء ، قال أبو إسحاق النجيرمي : أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس; لأنه لا يدخله القياس ، ولا قبله ولا بعده شيء يدل عليه. وذكر أبو علي الغساني أن عبد الله بن إدريس ، قال: لما حدثني شعبة بحديث أبي الحوراء السعدي عن [ ص: 467 ] الحسن بن علي كتبت تحته: حور عين؛ لئلا أغلط ، يعني: فيقرأه أبي الجوزاء - بالجيم والزاي.

وأما صورة ضبط المشكل ، فقال القاضي عياض : جرى رسم المشايخ وأهل الضبط في الحروف المشكلة ، والكلمات المشتبهة إذا ضبطت وصححت في الكتاب أن يرسم ذلك الحرف المشكل مفردا في حاشية الكتاب قبالة الحرف بإهماله ، أو نقطه. وعلل ذلك بأن الانفراد يرفع إشكال الالتباس بضبط ما فوقه وتحته من السطور ، لا سيما مع دقة الكتاب وضيق الأسطر. وذكر ابن الصلاح نحوه ولم يتعرضا لتقطيع حروف الكلمة المشكلة التي تكتب في هامش الكتاب ، وقد رأيت غير واحد من أهل الضبط يفعله وهو حسن وفائدته أنه يظهر شكل الحرف بكتابته مفردا في بعض الحروف ، كالنون والياء المثناة من تحت بخلاف ما إذا كتبت الكلمة كلها ، والحرف المذكور في أولها أو وسطها ، والله أعلم. قال ابن دقيق العيد في الاقتراح: ومن عادة المتقنين أن يبالغوا في إيضاح المشكل فيفرقوا حروف الكلمة في الحاشية ويضبطوها حرفا حرفا

التالي السابق


الخدمات العلمية