صفحة جزء
[ ص: 489 ] الكشط ، والمحو ، والضرب


595 . وما يزيد في الكتاب يبعد كشطا ومحوا وبضرب أجود      596 . وصله بالحروف خطا أو لا
مع عطفه أو كتب (لا) ثم إلى      597 . أو نصف دارة وإلا صفرا
في كل جانب وعلم سطرا      598 . سطرا إذا ما كثرت سطوره
أولا وإن حرف أتى تكريره      599 . فأبق ما أول سطر ثم ما
آخر سطر ثم ما تقدما      600 . أو استجد قولان ما لم يضف
أو يوصف أو نحوهما فألف


لما تقدم إلحاق الساقط ، ناسب تعقيبه بإبطال الزائد . فإذا وقع في الكتاب شيء زائد ليس منه ، فإنه ينفى عنه إما بالكشط ، وهو الحك . وإما بالمحو ، بأن تكون الكتابة في لوح أو رق ، أو ورق صقيل جدا في حال طراوة المكتوب . وقد روي عن سحنون أنه كان ربما كتب الشيء ثم لعقه . وإما بالضرب عليه . قال ابن الصلاح : والضرب خير من الحك والمحو . وروينا عن أبي محمد بن خلاد [ ص: 490 ] الرامهرمزي قال : قال أصحابنا : الحك تهمة ، قال : وأجود الضرب أن لا يطمس الحرف المضروب عليه ، بل يخط من فوقه خطا جيدا بينا يدل على إبطاله ، ويقرأ من تحته ما خط عليه . وقد أنبئت عمن أنبئ عن القاضي عياض : قال سمعت أبا بحر سفيان بن العاص الأسدي ، يحكي عن بعض شيوخه أنه كان يقول : كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلس السماع ، حتى لا يبشر شيء; لأن ما يبشر منه ، ربما يصح في رواية أخرى ، وقد يسمع الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر يكون ما بشر من رواية هذا صحيحا في رواية الآخر ، فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بشر ، وهو إذا خط عليه ، وأوقفه من رواية الأول ، وصح عند الآخر ، اكتفي بعلامة الآخر عليه بصحته . انتهى .

وقد اختلف في كيفية الضرب على خمسة أقوال :

الأول : ما تقدم نقله عن الرامهرمزي ، وحكاه القاضي عياض عن الأكثرين . قال : لكن [ ص: 491 ] يكون الخط مختلطا بالكلمات المضروب عليها ، وهو الذي يسمى : الضرب والشق .

والقول الثاني : أن لا يخلط الضرب بأوائل الكلمات ، بل يكون فوقها منفصلا عنها ، لكنه يعطف طرفي الخط ، على أوائل المبطل وآخره . حكاه القاضي عياض عن بعضهم . وإليه الإشارة بقولي : ( أو لا مع عطفه ) أي : أو لا تصله بالحروف ، بل اعطفه عليها من الطرفين .

مثال الضرب في هذا القول هكذا .

والقول الثالث : أن يكتب في أول الزائد لا ، وفي آخره إلى . قال القاضي عياض : ومثل هذا يصلح فيما صح في بعض الروايات وسقط من بعض من حديث أو كلام . قال : وقد يكتفى في مثل هذا بعلامة من ثبتت له فقط ، أو بإثبات لا وإلى فقط . وإلى هذا القول الإشارة بقولي : ( أو كتب لا ثم إلى ) ، وهو مصدر وآخره منصوب على نزع الخافض ، أي : يبعد الزائد بالكشط ، أو المحو ، أو الضرب ، أو يكتب كذا .

[ ص: 492 ] لا إلى

مثال الإبطال في هذا القول هكذا .

والقول الرابع : أن يحوق في أول الكلام الزائد بنصف دارة ، وعلى آخره بنصف دارة . وإليه الإشارة بقولي : ( أو نصف دارة ) أي : أوله وآخره والفاء منه منصوبة عطفا على محل المضاف إليه ، (مثال ذلك على هذا القول) .

والقول الخامس : أن يكتب في أول الزيادة دائرة صغيرة ، وكذلك في آخرها دائرة صغيرة ، حكاه القاضي عياض عن بعض الأشياخ المحسنين لكتبهم ، قال : ويسميها صفرا ، كما يسميها أهل الحساب ، ومعناها خلو موضعها من عدد ، كذلك هنا تشعر بخلو ما بينهما عن صحة . وإليه الإشارة بقولي : ( وإلا صفرا ) مثال ذلك . وقولي : ( وعلم سطرا سطرا . . . ) إلى آخره ، هو مبني على الأقوال الأخيرة أنه يعلم أول الزائد ، وآخره من غير ضرب ، فإذا كثرت سطور الزائد فاجعل علامة الإبطال في أول كل سطر وآخره للبيان إن شئت ، أو لا تكرر العلامة ، بل اكتف بها في أول الزائد وآخره ، وإن كثرت السطور . حكاه القاضي عياض عن بعضهم ، أنه ربما اكتفى بالتحويق على أول الكلام وآخره ، وربما كتب عليه (لا) في أوله ، و (إلى) في آخره ، وإليه الإشارة بقولي : ( أو لا ) .

وهذا كله فيما إذا كان الزائد غير مكرر ، فإن كان حرفا تكررت كتابته فالذي رآه القاضي عياض : أنه إن كان تكراره في أول سطر أن يضرب على الثاني لئلا يطمس أول السطر . وإن كانت إحدى الكلمتين في آخر سطر ، والأخرى في أول الذي يليه فيضرب [ ص: 493 ] على الأولى . وإن كانت الكلمتان معا في آخر السطر فيضرب على الأولى ، صونا لأوائل السطور وأواخرها ، ومراعاة أول السطر أولى . وإن كان التكرار لهما في وسط السطر ففيه قولان حكاهما ابن خلاد وغيره في أصل المسألة من غير مراعاة لأوائل السطور وأواخرها :

أحدهما : أن أولاهما بالإبطال الثاني; لأن الأول كتب على صواب ، فالخطأ أولى بالإبطال . والقول الثاني : أولاهما بالإبقاء أجودهما صورة وأدلهما على قراءته . وهذا معنى قولي : ( أو استجد ) أي : استجد للإبقاء أجودهما . وقد أطلق ابن خلاد الخلاف من غير مراعاة لأوائل السطور وأواخرها ، ومن غير مراعاة للفصل بين المضاف والمضاف إليه ونحو ذلك . قال القاضي عياض : وهذا عندي إذا تساوت الكلمات في المنازل ، فأما إن كان مثل المضاف والمضاف إليه ، فتكرر أحدهما فينبغي أن لا يفصل في الخط ، ويضرب بعد على المتكرر من ذلك كان أولا ، أو آخرا ، وكذلك الصفة مع الموصوف وشبه هذا ، فمراعاة هذا مضطر إليه للفهم ، فمراعاة المعاني أولى من مراعاة تحسين الصورة في الخط . واستحسن ابن الصلاح من القاضي عياض هذا التفصيل كله .

التالي السابق


الخدمات العلمية