صفحة جزء
مراتب الصحيح


37 . وأرفع الصحيح مرويهما ثم البخاري ، فمسلم ، فما      38 . شرطهما حوى ، فشرط الجعفي
فمسلم ، فشرط غير يكفي


اعلم أن درجات الصحيح تتفاوت بحسب تمكن الحديث من شروط الصحة ، وعدم تمكنه . وإن أصح كتب الحديث : البخاري ثم مسلم ، كما تقدم أنه الصحيح .

وعلى هذا : فالصحيح ينقسم إلى سبعة أقسام :

أحدها : -وهو أصحها- ما أخرجه البخاري ومسلم ، وهو الذي يعبر عنه أهل الحديث بقولهم : "متفق عليه" .

والثاني : ما انفرد به البخاري .

والثالث : ما انفرد به مسلم .

والرابع : ما هو على شرطهما ولم يخرجه واحد منهما .

والخامس : ما هو على شرط البخاري وحده .

والسادس : ما هو على شرط مسلم وحده [ ص: 126 ] .

والسابع : ما هو صحيح عند غيرهما من الأئمة المعتمدين ، وليس على شرط واحد منهما .

فقوله : ( ثم البخاري ) ، أي : ثم مروي البخاري وحده . ( وشرطهما ) : مفعول مقدم لـ ( حوى ) .

وقوله : ( فمسلم ) ، أي : فما حوى شرط مسلم . وقوله : ( فشرط غير ) أي : فشرط غيرهما من الأئمة . واستعمال - غير - غير مضافة قليل . ثم ما المراد بقولهم : على شرط البخاري ، أو على شرط مسلم ؟ فقال محمد بن طاهر في كتابه في شروط الأئمة : "شرط البخاري ، ومسلم ، أن يخرجا الحديث المجمع على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور" ، وليس ما قاله بجيد; لأن النسائي ضعف جماعة أخرج لهم الشيخان ، أو أحدهما .

[ ص: 127 ] وقال الحازمي في شروط الأئمة ما حاصله : إن شرط البخاري أن يخرج ما اتصل إسناده بالثقات المتقنين الملازمين لمن أخذوا عنه ، ملازمة طويلة ، وإنه قد يخرج أحيانا عن أعيان الطبقة التي تلي هذه في الإتقان والملازمة ، لمن رووا عنه ، فلم يلزموه إلا ملازمة يسيرة . وإن شرط مسلم أن يخرج حديث هذه الطبقة الثانية ، وقد يخرج حديث من لم يسلم من غوائل الجرح ، إذا كان طويل الملازمة لمن أخذ عنه ، كحماد بن سلمة في ثابت البناني ، وأيوب . هذا حاصل كلامه .

[ ص: 128 ] وقال النووي : "إن المراد بقولهم : على شرطهما أن يكون رجال إسناده في كتابيهما; لأنه ليس لهما شرط في كتابيهما ، ولا في غيرهما" . وقد أخذ هذا من ابن الصلاح ، فإنه لما ذكر كتاب المستدرك للحاكم ، قال : "إنه أودعه ما رآه على شرط الشيخين ، وقد أخرجا عن رواته في كتابيهما" إلى آخر كلامه . وعلى هذا عمل ابن دقيق العيد ، فإنه ينقل عن الحاكم تصحيحه لحديث على شرط البخاري مثلا ، ثم يعترض عليه بأن فيه فلانا ، ولم يخرج له البخاري . وكذلك فعل الذهبي في مختصر المستدرك . وليس ذلك منهم بجيد ، فإن الحاكم صرح في [ ص: 129 ] خطبة كتابه المستدرك بخلاف ما فهموه عنه ، فقال : "وأنا أستعين الله تعالى على إخراج أحاديث رواتها ثقات ، قد احتج بمثلها الشيخان ، أو أحدهما" .

فقوله : بمثلها ، أي : بمثل رواتها ، لا بهم أنفسهم . ويحتمل أن يراد : بمثل تلك الأحاديث . وإنما يكون بمثلها إذا كانت بنفس رواتها . وفيه نظر . وقد بينت المثلية في الشرح الكبير .

التالي السابق


الخدمات العلمية