صفحة جزء

741 . فإن يكن في شيخه قد وافقه مع علو فهو الموافقه      742 . أو شيخ شيخه كذاك فالبدل
وإن يكن ساواه عدا قد حصل      743 . فهو المساواة وحيث راجحه
الأصل بالواحد فالمصافحه


هذا إشارة إلى بيان الموافقة ، وما ذكر معها . فالموافقة : أن يروي الراوي حديثا في أحد الكتب الستة بإسناد لنفسه ، من غير طريقها ، بحيث يجتمع مع أحد الستة في شيخه مع علو هذا الطريق الذي رواه منه على ما لو رواه من طريق أحد الكتب الستة . مثاله : حديث رواه البخاري عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن حميد ، عن أنس مرفوعا : [ ص: 64 ] "كتاب الله القصاص" فإذا رويناه من جزء الأنصاري يقع موافقة للبخاري في شيخه مع علو درجة .

وأما البدل : فهو أن يوافقه في شيخ شيخه مع العلو أيضا . وإلى ذلك أشرت بقولي : (كذاك) . مثاله : حديث ابن مسعود الذي رواه الترمذي ، وتقدم في شرح الأبيات التي قبل هذه فهذا يطلقون عليه : البدل ، وقد يسمونه موافقة مقيدة ، فيقال : هو موافقة في شيخ شيخ الترمذي مثلا . ويؤخذ ذلك من قولي : (أو شيخ شيخه) أي : وإن يكن قد وافقه في شيخ شيخه فسماه موافقة في شيخ الشيخ ، وأما تقييد الموافقة والبدل بصورة العلو فكذا ذكره ابن الصلاح ، أنه لا يطلق عليه ذلك إلا مع العلو ، فإنه قال : ولو لم يكن ذلك عاليا فهو أيضا موافقة وبدل ، لكن لا يطلق عليه اسم الموافقة والبدل ، لعدم الالتفات إليه . قلت : وفي كلام غيره من المخرجين إطلاق اسم الموافقة والبدل ; مع عدم العلو ، فإن علا قالوا : موافقة عالية ، أو بدلا عاليا ، كذا رأيته في كلام الشيخ جمال الدين الظاهري ، وغيره ، ورأيت في كلام الظاهري ، والذهبي : فوافقناه بنزول . فسمياه مع النزول موافقة ، ولكن مقيدة بالنزول ، كما قيدها غيرهما بالعلو .

وأما المساواة : فهو أن يكون بين الراوي وبين الصحابي ، أو من قبل الصحابي إلى شيخ أحد الستة كما بين أحد الأئمة الستة وبين ذلك الصحابي أو من قبله على ما ذكر . أو يكون بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كما بين أحد الأئمة الستة وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - من العدد . وهذا كله كان يوجد قديما ، وأما اليوم فلا توجد المساواة إلا بأن يكون عد ما بين الراوي الآن ، وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كعد ما بين أحد الأئمة الستة ، وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومثال المساواة لشيوخنا ، حديث النهي عن نكاح المتعة ، أخبرنا به محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز ، قال : أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني ، قال : أنبأنا أسعد بن سعيد بن روح ، وعفيفة بنت [ ص: 65 ] أحمد الفارفانية ، واللفظ لها ، قالا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية ، قالت : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، قال : أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني ، قال : حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ، قال : حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثني الليث ح قال الطبراني : وحدثنا يوسف القاضي ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا ليث بن سعد ، قال : حدثني الربيع بن سبرة الجهني ، عن أبيه - سبرة - أنه قال : أذن لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمتعة ، . . . الحديث ، وفيه : ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : من كان عنده شيء من هذه [ ص: 66 ] النساء اللاتي يتمتع بهن فليخل سبيلها ، واللفظ لحديث يحيى بن بكير .

هذا حديث صحيح أخرجه مسلم والنسائي ، عن قتيبة ، عن الليث . فوقع بدلا لهما عاليا . وورد حديث النهي عن نكاح المتعة من حديث جماعة من الصحابة منهم : علي بن أبي طالب وهو متفق عليه من حديثه من طريق مالك . وقد رواه النسائي في جمعه لحديث مالك عن زكريا بن يحيى خياط السنة ، عن إبراهيم بن عبد الله الهروي ، عن سعيد بن محبوب ، عن عبثر بن القاسم ، عن سفيان الثوري ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله ، والحسن ابني محمد بن علي ، عن أبيهما ، عن علي . فباعتبار هذا العدد كأن شيخنا ساوى فيه النسائي ، وكأني لقيت النسائي وصافحته به ، ولله الحمد .

وأما المصافحة : فهو أن يعلو طريق أحد الكتب الستة عن المساواة بدرجة ، فيكون الراوي كأنه سمع الحديث من البخاري ، أو مسلم مثلا . وهو المراد بقولي :(وحيث راجحه الأصل) أي : وحيث رجح أحد من الأئمة الستة براو واحد على الراوي الذي وقع له ذلك الحديث ، سموه مصافحة ، بمعنى : أن الراوي كأنه لقي أحد الأئمة الستة ، وصافحه بذلك الحديث . ومثلت بالكتب الستة ; لأن الغالب على [ ص: 67 ] المخرجين استعمال ذلك بالنسبة إليهم فقط . وقد استعمله الظاهري وغيره بالنسبة إلى مسند أحمد ، ولا مشاحة في ذلك . وقد وقع لنا غير ما حديث مصافحة ، فمن ذلك : الحديث المتقدم مثالا للمساواة ، فإنه مساواة لشيوخنا ، مصافحة لنا ، كما تقدم ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية