صفحة جزء
[ ص: 195 ] من لم يرو عنه إلا راو واحد


854 . ومسلم صنف في الوحدان من عنه راو واحد لا ثان      855 . كعامر بن شهر أو كوهب
هو ابن خنبش وعنه الشعبي      856 . وغلط الحاكم حيث زعما
بأن هذا النوع ليس فيهما      857 . ففي الصحيح أخرجا المسيبا
وأخرج الجعفي لابن تغلبا


من أنواع علوم الحديث معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، وصنف فيه مسلم كتابه المسمى بكتاب المنفردات والوحدان ، وعندي به نسخة بخط محمد بن طاهر المقدسي ، ولم يره ابن الصلاح كما ذكر .

ومثاله في الصحابة : عامر بن شهر الهمداني ، ووهب بن خنبش الطائي ، عدادهما في أهل الكوفة ، تفرد الشعبي بالرواية عن كل واحد منهما فيما ذكره مسلم وغيره . وحديث عامر بن شهر في السنن لأبي داود ، وهو وإن انفرد عنه الشعبي ، [ ص: 196 ] فهو مذكور في السير ، فقد ذكر سيف ، عن طلحة الأعلم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن أول من اعترض على الأسود العنسي وكابره عامر بن شهر في ناحيته ، وكان أحد عمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على اليمن ، وحديث وهب بن خنبش عند النسائي وابن ماجه . ووقع عند ابن ماجه في رواية له : هرم بن خنبش ، وكذا ذكره الحاكم في علوم الحديث وتبعه أبو نعيم في علوم الحديث له أيضا . قال ابن الصلاح : "وذلك خطأ" . قال المزي : "ومن قال : وهب أكثر وأحفظ ؟" . وقد مثل ابن الصلاح ذلك بأمثلة في الصحابة والتابعين ، وعليه في كثير منها اعتراض أوضحتها في كتاب مفرد يتعلق بكتاب ابن الصلاح .

وقد زعم الحاكم في كتابه المدخل إلى كتاب الإكليل بأن أحدا من هذا القبيل لم يخرج عنه البخاري ومسلم في صحيحهما . وأشرت إلى ذلك بقولي : ( ليس فيهما ) أي : ليس في الصحيحين . وتبعه على ذلك البيهقي فقال في كتاب الزكاة من [ ص: 197 ] سننه عند ذكر حديث بهز عن أبيه عن جده : "ومن كتمها فإنا آخذوها وشطر ماله . . . " الحديث . ما نصه : "فأما البخاري ومسلم فإنهما لم يخرجاه جريا على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راو واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين . . . إلى آخر كلامه" ، وغلط الحاكم في ذلك جماعة منهم : محمد بن طاهر والحازمي . ونقض ذلك عليه بأنهما أخرجا حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب مع أنه لا راوي له غير ابنه سعيد بن المسيب . وكذلك أخرج أبو عبد الله الجعفي البخاري حديث عمرو بن تغلب مرفوعا : " إني لأعطي الرجل ، والذي أدع أحب إلي " . ولم يرو عن عمرو بن تغلب سوى الحسن البصري ، فيما قاله مسلم في كتاب الوحدان ، والحاكم في علوم الحديث وغيرهما . وقال ابن عبد البر : إنه روى عنه أيضا الحكم بن الأعرج ، ولم أر له رواية عنه في شيء من [ ص: 198 ] طرق أحاديث عمرو بن تغلب ; فلذلك مثلت به ، ومثل ابن الصلاح بأمثلة في الصحيح ، عليه فيها مؤاخذات فتركتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية