صفحة جزء
من ذكر بنعوت متعددة


858 . واعن بأن تعرف ما يلتبس من خلة يعنى بها المدلس      859 . من نعت راو بنعوت نحو ما
فعل في الكلبي حتى أبهما      860 . محمد بن السائب العلامه
سماه حمادا أبو أسامه      861 . وبأبي النضر بن إسحاق ذكر
وبأبي سعيد العوفي شهر


هذا النوع لبيان من ذكر من الرواة بأنواع من التعريفات من الأسماء ، أو الكنى ، أو الألقاب ، أو الأنساب : أما من جماعة من الرواة عنه يعرفه كل واحد بغير ما عرفه الآخر ، أو من راو واحد عنه ، فيعرفه مرة بهذا ، ومرة بذاك ، فيلتبس ذلك على من لا معرفة عنده ، بل على كثير من أهل المعرفة والحفظ ، وإنما يفعل ذلك كثيرا المدلسون .

وقد تقدم عند ذكر التدليس أن هذا أحد أنواع التدليس ويسمى : تدليس الشيوخ ، وقد صنف في ذلك الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي كتابا نافعا سماه إيضاح الإشكال عندي به نسخة . وصنف فيه الخطيب البغدادي كتابا كبيرا [ ص: 199 ] سماه : الموضح لأوهام الجمع والتفريق ، بدأ فيه بأوهام البخاري في ذلك ، وهو عندي بخط الخطيب .

فمن أمثلة ذلك : ما فعله الرواة عن محمد بن السائب الكلبي العلامة في الأنساب ، أحد الضعفاء ، فقد روى عنه : أبو أسامة حماد بن أسامة فسماه : حماد بن السائب وروى عنه : محمد بن إسحاق بن يسار فسماه مرة ، وكناه مرة : بأبي النضر ، ولم يسمه . وروى عنه : عطية العوفي فكناه : بأبي سعيد ، ولم يسمه . فأما رواية أبي أسامة عنه ، فرواها عبد الغني بن سعيد عن حمزة بن محمد ، هو الكناني الحافظ ، بسنده إلى أبي أسامة ، عن حماد بن السائب ، قال : حدثنا إسحاق بن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس مرفوعا : " ذكاة كل مسك دباغه " . ثم قال : "قال لنا حمزة بن محمد : لا أعلم أحدا روى هذا الحديث عن حماد بن السائب غير أبي أسامة ، وحماد هذا ثقة كوفي ، وله حديث آخر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في التشهد" ، قال عبد الغني : ثم قدم علينا الدارقطني ، فسألته عن هذا الحديث ، وعن حماد بن السائب ، فقال لي : الذي روى عنه أبو أسامة ، هو محمد بن السائب الكلبي إلا أن أبا أسامة كان يسمه حمادا . قال عبد الغني : فتبين لي أن حمزة قد وهم من وجهين :أحدهما : أن جعل الرجلين واحدا .

والآخر : أن وثق من ليس بثقة ; لأن الكلبي عند العلماء غير ثقة ، قال عبد الغني : ثم إني نظرت في كتاب الكنى لأبي عبد الرحمن النسوي ، فوجدته قد وهم فيه وهما أقبح من [ ص: 200 ] وهم حمزة ، رأيته قد أخرج هذا الحديث عن أحمد بن علي ، عن أبي معمر ، عن أبي أسامة حماد بن السائب ، وإنما هو عن حماد بن السائب ، فأسقط قوله : عن ، وخفي عليه أن الصواب عن أبي أسامة حماد بن أسامة ، وأن حماد بن السائب هو الكلبي ، قال عبد الغني : والدليل على صحة قول الدارقطني : أن عيسى بن يونس رواه عن الكلبي مصرحا به غير مخفيه . انتهى . وأما رواية ابن إسحاق عنه ، فقال البخاري في التاريخ الكبير : "روى محمد بن إسحاق عن أبي النضر ، وهو الكلبي " ، قال الخطيب - فيما قرأت بخطه - : وهذا القول صحيح . - قال - : فأما رواية ابن إسحاق ، عن الكلبي التي كناه فيها ، ولم يسمه ثم رواها بإسناده إلى محمد بن إسحاق ، عن أبي النضر ، عن باذان عن ابن عباس ، عن تميم الداري في هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت وقصة جام الفضة [ ص: 201 ] .

وأما رواية عطية العوفي عنه ، فروى الخطيب - فيما قرأت بخطه - في كتاب الموضح قال : أخبرنا أبو سعيد الصيرفي ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب الأصم ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا : أبي ، قال : بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي ، فيأخذ عنه التفسير ، قال : وكان يكنيه بأبي سعيد ، فيقول : قال أبو سعيد ، وكان هشيم يضعف حديث عطية ، وقال عبد الله : حدثني أبي ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : سمعت سفيان الثوري ، قال : سمعت الكلبي ، قال كناني عطية أبا سعيد ، قال الخطيب : إنما فعل ذلك ليوهم الناس أنه إنما يروي عن أبي سعيد الخدري . انتهى .

قلت : ومما دلس به الكلبي مما لم يذكره ابن الصلاح تكنيته بأبي هشام ، وقد بينه الخطيب فقال - فيما قرأت بخطه - : وهو أبو هشام الذي روى عنه القاسم بن الوليد الهمداني ، وكان للكلبي ابن يسمى هشاما ، فكناه القاسم به في روايته عنه ثم روى بإسناده إلى القاسم بن الوليد ، عن أبي هشام ، عن أبي صالح عن ابن عباس ، قال : لما نزلت قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا فذكر الحديث . ثم روى وجادة إلى ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن هذا الحديث ، فقال : أبو هشام هو الكلبي ، وكان كنيته أبو النضر ، وكان له ابن يقال له : هشام بن الكلبي ، صاحب نحو وعربية ، فكناه به . قال : وهو محمد بن السائب بن بشر الذي روى عنه ابن إسحاق . وقد [ ص: 202 ] وهم البخاري في التفريق بينه وبين الكلبي ; لأنه رجل واحد ، بين نسبه محمد بن سعد ، وخليفة بن خياط .

وقولي : ( واعن ) أي : اجعله من عنايتك ، وقد تقدم قبل هذا نقلا عن الهروي وغيره ، أنه يقال : عني بكذا وعني به ، والخلة : بفتح الخاء المعجمة : الخصلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية