صفحة جزء

58 . فإن يقل : يحتج بالضعيف فقل : إذا كان من الموصوف      59 . رواته بسوء حفظ يجبر
بكونه من غير وجه يذكر      60 . وإن يكن لكذب أو شذا
أو قوي الضعف فلم يجبر ذا      61 . ألا ترى المرسل حيث أسندا
أو أرسلوا كما يجيء اعتضدا


لما تقدم أن الحسن قاصر عن الصحيح ، وإنما ألحق به في الاحتجاج . وتقدم أن الحسن لا يشترط فيه ثقة رجاله ، بل إذا كان فيهم من لا يتهم بالكذب وروي من وجه آخر كان حسنا ، على الشروط المتقدمة . وغير المتهم أعم من أن يكون ثقة ، أو مستورا ، والمستور غير مقبول عند الجمهور [ ص: 158 ] .

وربما كان من تابعه مستورا أيضا . وكلاهما لو انفرد لم تقم به حجة فكيف يحتج به إذا انضم إليه من لا يحتج به منفردا . وأجاب عنه ابن الصلاح بما ذكر في البيت الأخير من هذه الأبيات الأربعة . فقال بعد قوله : إن الحسن متقاصر عن الصحيح : "وإذا استبعد ذلك من الفقهاء الشافعية مستبعد ذكرنا له نص الشافعي (في مراسيل التابعين أنه يقبل منها المرسل الذي جاء نحوه مسندا . وكذلك لو وافقه مرسل آخر أرسله من أخذ العلم عن غير رجال التابعي الأول في كلام له ذكر فيه وجوها من الاستدلال على صحة مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر" . ثم قال في جواب سؤال آخر : "ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه ، بل ذلك يختلف فمنه ضعف يزيله ذلك ، بأن يكون ضعفه ناشئا من ضعف حفظ راويه مع كونه من أهل الصدق والديانة . فإذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر عرفنا أنه [ ص: 159 ] مما قد حفظه ولم يختل فيه ضبطه له . وكذلك إذا كان ضعفه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ ، إذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر . - قال - : ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك; لقوة الضعف; وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته . وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب أو كون الحديث شاذا . قال : وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث ، فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة ، والله أعلم . وقوله : ( رواته ) ، هو مرفوع لسده مسد الفاعل ، وهو مفعول قوله : ( الموصوف ) .

وقوله : ( أو أرسلوا كما يجيء ) ، يريد : أو أرسلوه على الوجه الذي يجيء لا مطلقا . وأشير بقوله : (يجيء) إلى موضع الكلام على المرسل .

التالي السابق


الخدمات العلمية