صفحة جزء
أوطان الرواة وبلدانهم


997 . وضاعت الأنساب في البلدان فنسب الأكثر للأوطان      998 . وإن يكن في بلدتين سكنا
فابدأ بالاولى وبثم حسنا      999 . وإن يكن من قرية من بلدة
ينسب لكل وإلى الناحية


مما يحتاج إليه أهل الحديث ، معرفة أوطان الرواة وبلدانهم ، فإن ذلك ربما ميز بين الاسمين المتفقين في اللفظ ، فينظر في شيخه وتلميذه الذي روى عنه ، فربما كانا - أو [ ص: 347 ] أحدهما - من بلد أحد المتفقين في الاسم ، فيغلب على الظن أن بلديهما هو المذكور في السند ، لا سيما إذا لم يعرف له سماع بغير بلده .

وأيضا ربما استدل بذكر وطن الشيخ ، أو ذكر مكان السماع على الإرسال بين الراويين إذا لم يعرف لهما اجتماع عند من لا يكتفي بالمعاصرة . وسمعت شيخنا الحافظ أبا محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر القرشي ، يقول غير مرة : كنت أسمع بقراءة الحافظ أبي الحجاج المزي كتاب عمل اليوم والليلة للحسن بن علي بن شبيب المعمري ، فمر حديث من رواية يونس بن محمد المؤدب ، عن الليث بن سعد ، فقلت للمزي : في أين سمع يونس من الليث ؟ فقال : لعله سمع منه في الحج ، ثم استمر في القراءة ، ثم قال : لا الليث ذهب في الرسيلة إلى بغداد فسمع منه هناك . انتهى .

وإنما حدث للعرب الانتساب إلى البلاد والأوطان لما غلب عليها سكنى القرى ، والمدائن ، وضاع كثير من أنسابها ، فلم يبق لها غير الانتساب إلى البلدان ، وقد كانت العرب تنسب قبل ذلك إلى القبائل ، فمن سكن في بلدتين ، وأراد الانتساب إليهما فليبدأ بالبلد الذي سكنها أولا ، ثم بالثانية التي انتقل إليها ، وحسن أن يأتي بـ (ثم) في النسب للبلدة الثانية ، فيقول مثلا : المصري ثم الدمشقي . ومن كان من أهل قرية من قرى بلدة ، فجائز أن ينسب إلى القرية ، وإلى البلدة أيضا ، وإلى الناحية التي منها تلك البلدة ، فمن هو ؟ من أهل داريا مثلا ، أن يقول في نسبه : الداري ، والدمشقي ، والشامي ، فإن أراد الجمع بينها ، فليبدأ بالأعم ، فيقول : الشامي الدمشقي الداري .

التالي السابق


الخدمات العلمية