صفحة جزء
تفريعات:

أحدها: الإسناد المعنعن، وهو الذي يقال فيه: "فلان عن فلان" عده بعض الناس من قبيل المرسل والمنقطع، حتى يتبين اتصاله بغيره.

والصحيح - والذي عليه العمل - أنه من قبيل الإسناد المتصل، وإلى هذا ذهب الجماهير من أئمة الحديث وغيرهم، وأودعه المشترطون للصحيح في تصانيفهم فيه وقبلوه، وكاد أبو عمر بن عبد البر الحافظ يدعي إجماع أئمة الحديث على ذلك.

وادعى أبو عمرو الداني - المقرئ الحافظ - إجماع أهل النقل على ذلك.

وهذا بشرط أن يكون الذين أضيفت العنعنة إليهم قد ثبتت ملاقاة بعضهم بعضا، مع براءتهم من وصمة التدليس. فحينئذ يحمل على ظاهر الاتصال، إلا أن يظهر فيه خلاف ذلك.

وكثر في عصرنا وما قاربه بين المنتسبين إلى الحديث استعمال "عن" في الإجازة، فإذا قال أحدهم: "قرأت على فلان عن فلان" أو نحو ذلك، فظن به أنه رواه عنه بالإجازة، ولا يخرجه ذلك من قبيل الاتصال، على ما لا يخفى. والله أعلم.


[ ص: 416 ] 52 - قوله: عند ذكر الإسناد المعنعن: (والصحيح - والذي عليه العمل - أنه من قبيل الإسناد المتصل). ثم قال: (وكاد أبو عمر بن عبد البر الحافظ يدعي إجماع أئمة الحديث على ذلك ...) إلى آخر كلامه.

ولا حاجة إلى قوله: (كاد) فقد ادعاه، فقال في مقدمة التمهيد: اعلم - وفقك الله - أنى تأملت أقاويل أئمة الحديث ونظرت في كتب من اشترط [ ص: 417 ] الصحيح في النقل منهم ومن لم يشترطه فوجدتهم أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن، لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطا ثلاثة وهي: عدالة المحدثين، ولقاء بعضهم بعضا مجالسة ومشاهدة، وأن يكونوا برآء من التدليس. ثم قال: وهو قول مالك وعامة أهل العلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية