صفحة جزء
الرابعة: لم يستوعبا الصحيح في صحيحيهما ولا التزما ذلك.

فقد روينا عن البخاري أنه قال: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول".

وروينا عن مسلم أنه قال: "ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا - يعني في كتابه الصحيح - إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه".

قلت: أراد - والله أعلم - أنه لم يضع في كتابه إلا الأحاديث التي وجد عنده فيها شرائط الصحيح المجمع عليه، وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم.

ثم إن أبا عبد الله بن الأخرم الحافظ قال: "قل ما يفوت البخاري ومسلما مما يثبت من الحديث" يعني في كتابيهما.

ولقائل أن يقول: ليس ذلك بالقليل؛ فإن المستدرك على الصحيحين للحاكم أبي عبد الله كتاب كبير، يشتمل مما فاتهما على شيء كثير، وإن يكن عليه في بعضه مقال فإنه يصفو له منه صحيح كثير.

وقد قال البخاري: "أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح".

وجملة ما في كتابه الصحيح سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بالأحاديث المتكررة. وقد قيل: إنها بإسقاط المكررة أربعة آلاف حديث، إلا أن هذه العبارة قد يندرج تحتها عندهم آثار الصحابة والتابعين. وربما عد الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين.


[ ص: 238 ] [ ص: 239 ] 13 - قوله: (وجملة ما في كتابه الصحيح - يعني البخاري - سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بالأحاديث المكررة) انتهى.

هكذا أطلق ابن الصلاح عدة أحاديثه، والمراد بهذا العدد الرواية المشهورة، وهي رواية محمد بن يوسف الفربري. فأما رواية حماد بن شاكر فهي دونها بمائتي حديث.

[ ص: 240 ] وأنقص الروايات رواية إبراهيم بن معقل، فإنها تنقص عن رواية الفربري ثلاثمائة حديث.

ولم يذكر ابن الصلاح عدة أحاديث مسلم، وقد ذكرها النووي من زياداته في "التقريب والتيسير" فقال: إن عدة أحاديثه نحو أربعة آلاف بإسقاط المكرر. انتهى. ولم يذكر عدته بالمكرر، وهو يزيد على عدة كتاب البخاري؛ لكثرة طرقه، وقد رأيت عن أبي الفضل أحمد بن سلمة أنه اثنا عشر ألف حديث.

التالي السابق


الخدمات العلمية