صفحة جزء
الثانية: قول الزهري، وأبي حازم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأشباههم من أصاغر التابعين: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" حكى ابن عبد البر أن قوما لا يسمونه مرسلا، بل منقطعا؛ لكونهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد والاثنين، وأكثر روايتهم عن التابعين.

قال الشيخ أبقاه الله: وهذا المذهب فرع لمذهب من لا يسمي المنقطع قبل الوصول إلى التابعي مرسلا.

والمشهور التسوية بين التابعين في اسم الإرسال كما تقدم. والله أعلم.


[ ص: 378 ] 45 - قوله: (الثانية: قول الزهري، وأبي حازم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأشباههم من أصاغر التابعين: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" حكى ابن عبد البر أن قوما لا يسمونه مرسلا، بل منقطعا؛ لكونهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد [ ص: 379 ] والاثنين، وأكثر روايتهم عن التابعين) انتهى.

وما ذكره في حق من سمى من صغار التابعين أنهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد والاثنين ليس بصحيح بالنسبة إلى الزهري، فقد لقي من الصحابة ثلاثة عشر فأكثر، وهم عبد الله بن عمر، وسهل بن سعد، وأنس بن [ ص: 380 ] مالك، وعبد الله بن جعفر، وربيعة بن عباد - بكسر العين وتخفيف الموحدة - وسنين أبو جميلة، والسائب بن يزيد، وأبو الطفيل عامر بن [ ص: 381 ] واثلة، والمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن أزهر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، ومحمود بن الربيع.

وسمع منهم كلهم إلا عبد الله بن جعفر، فرآه رؤية، وإلا عبد الله بن عمر فقد قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: إنه لم يسمع منه. وقال علي بن المديني: إنه سمع منه.

[ ص: 382 ] وقال ابن حزم: إنه لم يسمع أيضا من عبد الرحمن بن أزهر، ثم حكى عن أحمد بن صالح المصري أنه قال: لم يسمع منه فيما أرى ولم يدركه.

قلت: وكذا قال أحمد بن حنبل: ما أراه سمع منه. قال: ومعمر وأسامة يقولان عنه: إنه سمع منه، ولم يصنعا عندي شيئا. وقيل: إنه سمع أيضا من جابر بن عبد الله، وسمع من جماعة آخرين مختلف في صحبتهم، [ ص: 383 ] منهم محمود بن لبيد، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وثعلبة بن أبي مالك القرظي، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، فهؤلاء سبعة عشر ما بين صحابي ومختلف في صحبته.

وقد تنبه المصنف لهذا الاعتراض، فأملى حاشية على هذا المكان من كتابه، [ ص: 384 ] فقال: "قوله: الواحد والاثنين كالمثال، وإلا فالزهري قد قيل: إنه رأى عشرة من الصحابة، وسمع منهم: أنسا، وسهل بن سعد، والسائب بن يزيد، ومحمود بن الربيع، وسنينا أبا جميلة، وغيرهم، وهو مع ذلك أكثر روايته عن التابعين. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية