صفحة جزء
73 - قوله: (ص): المعضل اصطلاحا : "وهو عبارة عما سقط منه اثنان فصاعدا ... إلى آخره".

قلت: وجدت التعبير بالمعضل في كلام الجماعة من أئمة الحديث فيما لم يسقط منه شيء البتة.

فمن ذلك: ما قال محمد بن يحيى الذهلي - في الزهريات - :

حدثنا أبو صالح الهراني ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف فيمر بالمريض فيسلم عليه ولا يقف" . قال الذهلي : هذا حديث معضل لا وجه له إنما هو فعل عائشة - رضي الله تعالى عنها - ليس للنبي فيه ذكر والوهم فيما نرى من ابن لهيعة ".

[ ص: 576 ] ومن ذلك: قال النسائي - في اليوم الليلة - : ثنا يزيد بن سنان نا مكي بن إبراهيم ، عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: "متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .." الحديث.

قال النسائي : هذا حديث معضل لا أعلم من رواه غير مكي ، لا بأس به، لا أدري من أنبأني به.

ومن ذلك قال أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني - في ترجمة ضبارة بن عبد الله أحد الضعفاء - : "روى حديثا معضلا" وهو متصل الإسناد.

[ ص: 577 ] وقال ابن عدي - في ترجمة زهير بن مرزوق - في الكامل:

قال ابن معين : "لا أعرفه".

قال: وإنما قال ابن معين ذلك لأنه ليس له إلا حديث واحد معضل وساقه، وإسناده متصل \.

وقال الحاكم أبو أحمد - في ترجمة الوليد بن محمد الموقري -: "كتبنا له عن المسيب بن واضح أحاديث مستقيمة، ولكن حاجب [ ص: 578 ] ابن الوليد وعلي بن حجر حدثا عنه بأحاديث معضلة.

وقال ابن عبد البر : في حديث رواه عبد الجبار بن أحمد السمرقندي عن محمد بن عبد الله المنقري عن ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" .

لا مدخل لسعيد ولا لأبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - في هذا الحديث، وإنما رواه الزهري عن علي بن الحسين - رضي الله عنهما -وهذا مما أخطأ فيه عبد الجبار وأعضله.

[ ص: 579 ] قال أبو الفتح الأزدي - في ترجمة محمد بن عبد الله بن زياد الأنصاري -: "روى عن مالك بن دينار معاضيل" .

ونسخة هذا الرجل هي عن مالك بن دينار عن أنس - رضي الله تعالى عنه - وغيره، ولا انقطاع فيها.

فإذا تقرر هذا فإما أن يكونوا يطلقون المعضل لمعنيين، أو يكون المعضل الذي عرف به المصنف وهو المتعلق بالإسناد بفتح الضاد، وهذا الذي نقلناه من كلام هؤلاء الأئمة بكسر الضاد ويعنون به المستغلق الشديد. وفي الجملة فالتنبيه على ذلك كان متعينا.

فإن قيل: فمن سلف المصنف - في نقله - أن هذا النوع يختص بما سقط من إسناده اثنان فصاعدا؟

قلنا: سلفه في ذلك علي بن المديني ومن تبعه.

وقد حكاه الحاكم في علوم الحديث عنهم.

فإنهم قالوا: المعضل: أن يسقط بين الرجل وبين النبي - صلى الله عليه [ ص: 580 ] وسلم - أكثر من رجل والفرق بينه وبين المرسل أن المرسل مختص بالتابعين دون غيرهم - والله الموفق - .

التالي السابق


الخدمات العلمية