صفحة جزء
40 - قوله: (ع): "وما ذكره المصنف في حد التدليس (هو: المشهور بين أهل الحديث - يعني أن من جملة التدليس - أن يروي عمن عاصره ما لم يسمعه منه موهما أي سواء كان قد لقيه أو لم يلقه".

[ ص: 623 ] قلت: والذي يظهر من تصرفات الحذاق منهم أن التدليس مختص باللقي فقد أطبقوا على أن رواية المخضرمين مثل: قيس بن أبي حازم وأبي عثمان النهدي وغيرهما (عن) النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبيل المرسل لا من قبيل المدلس.

وقد قال الخطيب - في باب المرسل من كتابه الكفاية -:

"لا خلاف بين أهل العلم أن إرسال الحديث الذي ليس بمدلس وهو: رواية الراوي عمن لم يعاصره أو لم يلقه /، ثم مثل للأول بسعيد بن المسيب وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وللثاني بسفيان الثوري وغيره عن الزهري .

ثم قال: والحكم في الجميع عندنا واحد. انتهى.

فقد (بين) الخطيب في ذلك أن من روى عمن لم يثبت لقيه ولو عاصره أن ذلك مرسل لا مدلس.

والتحقيق فيه التفصيل وهو: أن من ذكر بالتدليس أو الإرسال إذا ذكر بالصيغة الموهمة عمن لقيه، فهو تدليس، أو عمن أدركه ولم يلقه فهو المرسل الخفي، أو عمن لم يدركه فهو مطلق الإرسال.

واعلم أن التعريف الذي ذكرناه للمرسل ينطبق على ما يرويه الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما لم يسمعوه منه وإنما لم يطلقوا عليه اسم التدليس أدبا على أن بعضهم أطلق ذلك.

روى أبو أحمد ابن عدي في الكامل عن يزيد بن هارون عن شعبة قال: "كان أبو هريرة - رضي الله عنه - ربما دلس" .

[ ص: 624 ] .

والصواب ما عليه الجمهور من الأدب في عدم إطلاق ذلك - والله الموفق.

التالي السابق


الخدمات العلمية