صفحة جزء
97 - قوله: (ص): "روينا عن يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي الشافعي - رضي الله عنه - ...." إلى آخره.

أسنده الحاكم من طريق ابن خزيمة عن يونس ، والحاصل من كلامهم أن الخليلي يسوي بين الشاذ والفرد المطلق، فيلزم على قوله أن يكون [في] الشاذ الصحيح وغير الصحيح، فكلامه أعم ، وأخص منه كلام الحاكم ; لأنه [ ص: 653 ] يقول: إنه تفرد الثقة، فيخرج تفرد غير الثقة فيلزم على قوله أن يكون في الصحيح الشاذ وغير الشاذ، وأخص منه كلام الشافعي ، لأنه يقول: "إنه تفرد الثقة بمخالفة من هو أرجح منه" ويلزم عليه ما يلزم على قول الحاكم لكن الشافعي صرح بأنه مرجوح، وأن الرواية الراجحة أولى لكن هل يلزم من ذلك عدم الحكم عليه بالصحة؟ محل توقف قد قدمت التنبيه عليه في الكلام على نوع الصحيح.

وقول المصنف: "لا إشكال فيه". فيه نظر لما أبديته آخرا، وعلى المصنف إشكال أشد منه، وذلك أنه يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذا كما تقدم ويقول : إنه لو تعارض الوصل والإرسال (قدم الوصل مطلقا سواء كان رواة الإرسال) أكثر أو أقل، حفظ أم لا، ويختار في تفسير الشاذ أنه الذي يخالف راويه من هو أرجح منه. وإذا كان راوي الإرسال أحفظ ممن روى الوصل

[ ص: 654 ] مع اشتراكهما في الثقة، فقد ثبت كون الوصل فكيف يحكم له بالصحة مع شرطه في الصحة أن لا يكون شاذا؟

هذا في غاية الإشكال، ويمكن أن يجاب عنه بأن اشتراط نفي الشذوذ في شرط الصحة إنما يقوله المحدثون. وهم القائلون بترجيح رواية الأحفظ إذا تعارض الوصل والإرسال، والفقهاء وأهل الأصول لا يقولون بذلك والمصنف قد صرح باختيار ترجيح الوصل على الإرسال، ولعله يرى بعدم اشتراط نفي الشذوذ في شرط الصحيح لأنه هناك لم يصرح عن نفسه باختيار شيء (بل اقتصر) على نقل ما عند المحدثين.

وإذا انتهى البحث إلى هذا المجال ارتفع الإشكال وعلم منه أن مذهب أهل الحديث أن شرط الصحيح أن لا يكون الحديث شاذا، وأن من أرسل من الثقات إن كان أرجح ممن وصل من الثقات قدم وكذا بالعكس، ويأتي فيه الاحتمال عن القاضي، وهو أن الشذوذ يقدح في الاحتجاج لا في التسمية - والله أعلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية