صفحة جزء
[ ص: 272 ] [مذهب الحافظ جواز التصحيح وغيره في الأعصار المتأخرة :]

فإذا روى حديثا ولم يعلله وجمع إسناده شروط الصحة ولم يطلع المحدث المطلع فيه على علة، ما المانع من الحكم بصحته ولو لم ينص على صحته أحد من المتقدمين، ولا سيما وأكثر ما يوجد من هذا القبيل ما رواته رواة الصحيح.

هذا لا ينازع فيه من له ذوق في هذا الفن.

وكأن المصنف إنما اختار ما اختاره من ذلك بطريق نظري وهو:

أن المستدرك للحاكم كتاب كبير جدا يصفو له منه صحيح كثير زائد على ما في الصحيحين على ما ذكر المصنف بعد، وهو مع حرصه على جمع الصحيح الزائد على الصحيحين واسع الحفظ، كثير الاطلاع، غزير الرواية، فيبعد كل البعد أن يوجد حديث بشرط الصحة لم يخرجه في مستدركه.

وهذا في الظاهر مقبول، إلا أنه لا يحسن التعبير عنه بالتعذر، ثم الاستدلال على صحة دعوى التعذر بدخول الخلل في رجال الإسناد. فقد بينا أن الخلل - إذا سلم - إنما هو فيما بيننا وبين المصنفين.

أما المصنفين فصاعدا فلا. والله الموفق.

وأما ما استدل به شيخنا على صحة ما ذهب إليه الشيخ محيي الدين [ ص: 273 ] من جواز الحكم بالتصحيح لمن تمكن وقويت معرفته ، بأن من عاصر ابن الصلاح قد خالفه فيما ذهب إليه وحكم بالصحة لأحاديث لم يوجد لأحد من المتقدمين الحكم بتصحيحها. (فليس بدليل ناهض) على رد ما اختار ابن الصلاح ؛ لأنه مجتهد وهم مجتهدون، فكيف ينقض الاجتهاد بالاجتهاد. وما أوردناه في نقض دعواه أوضح فيما يظهر. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية