صفحة جزء
11 - قوله: (ع): "وأما الإتيان بصيغة الجزم فيما ليس بصحيح فهذا لا يجوز ولا يظن بالبخاري... " إلخ.

أقول: هذا يكاد أن يكون مصادرة على المطلوب؛ لأن الخصم ينكر أن يكون البخاري التزم أن لا يأتي باللفظ الجازم إلا في الطرق الصحيحة يستدل على ذلك بالمثال الذي ذكره؛ لأنه أخرج حديثا باللفظ الجازم وهو معلول كما ذكره أبو مسعود .

فكيف يكون جوابه: لا يظن ذلك بالبخاري ولا يأتي البخاري باللفظ الجازم إلا فيما لا علة له .

[ ص: 362 ] فالجواب السديد عن ذلك أن يقول: ما ادعاه أبو مسعود من كون ذلك الحديث لا يعرف إلا من رواية عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - مردود.

فإن الحديث المذكور معروف من رواية عبد الله بن الفضل - أيضا - عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - كما علقه البخاري . فقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبد الله بن الفضل ، فبهذا يتضح أن لعبد الله بن الفضل فيه شيخين كما ذكره الشيخ احتمالا.

[ عادة البخاري في الأسانيد المختلفة :]

ومن عادة البخاري أنه إذا كان في بعض الأسانيد التي يحتج بها خلاف [ ص: 363 ] على بعض رواتها ساق الطريق الراجحة عنده مسندة متصلة، وعلق الطريق الأخرى إشعارا بأن هذا الاختلاف لا يضر؛ لأنه إما أن يكون للراوي فيه طريقان فحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، فلا يكون ذلك اختلافا يلزم منه اضطراب يوجب الضعف، وإما أن لا يكون له فيه إلا طريق واحدة، والذي أتى عنه بالطريق الأخرى واهم عليه ولا يضر الطريق الصحيحة الراجحة وجود الطريق الضعيفة المرجوحة. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية