14 - قوله: (ع): "إن ما استثناه من المواضع قد أجاب العلماء عنها، ومع ذلك ليست يسيرة بل هي كثيرة جمعتها مع الجواب عنها في تصنيف. 
أقول: كأن مسودة هذا التصنيف ضاعت وقد طال بحثي عنها وسؤالي من الشيخ أن يخرجها لي فلم أظفر بها، ثم حكى ولده أنه ضاع منها كراسان أولان فكان ذلك سبب إهمالها وعدم انتشارها. 
قلت: وينبغي الاعتناء بمقاصد ما لعلها اشتملت عليه. 
فأقول: أولا: اعتراض الشيخ على 
 nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح  استثناء المواضع اليسيرة بأنها ليست يسيرة بل كثيرة وبكونه قد جمعها وأجاب عنها لا يمنع استثناءها. 
أما كونها ليست يسيرة فهذا أمر نسبي. نعم هي بالنسبة إلى ما لا مطعن فيه من الكتابين يسيرة جدا . 
وأما كونها يمكن الجواب عنها فلا يمنع ذلك استثناءها؛ لأن من تعقبها من جملة من ينسب إليه الإجماع على التلقي.  
[ ص: 381 ]  [تعين استثناء 
الأحاديث المنتقدة في الصحيحين من تلقيها بالقبول:] 
فالمواضع المذكورة متخلفة عنده عن التلقي بفيتعين استثناؤها وقد اعتنى 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269أبو الحسن الدارقطني  بتتبع ما فيهما من الأحاديث المعللة فزادت على المائتين. 
ولأبي مسعود الدمشقي  في أطرافه انتقاد عليهما. 
ولأبي الفضل بن عمار  تصنيف لطيف في ذلك وفي كتاب التقييد 
 nindex.php?page=showalam&ids=14050لأبي علي الجياني  جملة في ذلك. 
والكلام على هذه الانتقادات من حيث التفصيل من وجوه: 
منها: ما هو مندفع بالكلية. 
ومنها: ما قد يندفع: 
1 - فمنها: الزيادة التي تقع في بعض الأحاديث إذا انفرد بها ثقة من الثقات ولم يذكرها من هو مثله أو أحفظ منه فاحتمال كون هذا الثقة غلط ظن مجرد وغايتها أنها زيادة ثقة فليس فيها منافاة لما رواه الأحفظ والأكثر فهي مقبولة. 
2 - ومنها: الحديث المروي من حديث تابعي مشهور عن صحابي سمع منه. فيعلل بكونه روي عنه بواسطة كالذي يروى عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة   - رضي الله عنه - . 
ويروى عن 
سعيد  عن أبيه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة   . 
وأن مثل هذا لا مانع أن يكون التابعي سمعه بواسطة ثم سمعه بدون ذلك الواسطة.  
[ ص: 382 ] ويلتحق بذلك ما يرويه التابعي عن الصحابي، فيروى من روايته عن صحابي آخر، فإن هذا يكون سمعه منهما فيحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا. 
كما قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني  في حديث رواه 
عاصم  عن 
أبي قلابة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11824أبي الأشعث  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس   . 
ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير  عن 
أبي قلابة  عن 
أبي أسماء  عن 
ثوبان   - رضي الله تعالى عنه - .  
[ ص: 383 ] قال: ما أرى الحديثين إلا صحيحين لإمكان أن يكون 
أبو قلابة  سمعه من كل منهما. 
قلت: هذا إنما يطرد حيث يحصل الاستواء في الضبط والإتقان. 
3 - ومنها ما يشير صاحب الصحيح إلى علته كحديث يرويه مسندا ثم يشير إلى أنه يروى مرسلا فذلك مصير منه إلى ترجيح رواية من أسنده على من أرسله. 
4 - ومنها ما تكون علته مرجوحة بالنسبة إلى صحته؛ كالحديث الذي يرويه ثقات متصلا ويخالفهم ثقة فيرويه منقطعا أو يرويه ثقة متصلا ويرويه ضعيف منقطعا. 
ومسألة التعليل بالانقطاع وعدم اللحاق قل أن تقع في 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  بخصوصه لأنه معلوم أن 
مذهبه عدم الاكتفاء في الإسناد المعنعن بمجرد إمكان اللقاء ، وإذا اعتبرت هذه الأمور من جملة الأحاديث التي انتقدت عليهما لم يبق بعد ذلك مما انتقد عليهما سوى مواضع يسيرة جدا، ومن أراد حقيقة ذلك فليطالع المقدمة التي كتبتها لشرح صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  فقد بينت فيها ذلك بيانا شافيا بحمد الله تعالى.