صفحة جزء
2110 - أخبرنا الحسن بن سفيان قال : حدثنا حوثرة بإسناده نحوه إلا أنه قال : ومن طاعتي أن تطيعوا أئمتكم .

أخبرناه أبو يعلى الموصلي ، قال : سألت يحيى بن معين عن عقبة بن أبي الصهباء ، فقال : ثقة .

قال أبو حاتم رضي الله عنه : في هذا الخبر بيان واضح أن صلاة المأمومين قعودا إذا صلى إمامهم قاعدا من طاعة الله جل وعلا التي أمر عباده ، وهو عندي ضرب من الإجماع الذي أجمعوا على إجازته ؛ لأن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أفتوا به : جابر بن عبد الله ، وأبو هريرة ، وأسيد بن حضير ، وقيس بن قهد ، والإجماع عندنا إجماع الصحابة الذين شهدوا هبوط الوحي والتنزيل وأعيذوا من التحريف والتبديل [ ص: 472 ] حتى حفظ الله بهم الدين على المسلمين وصانه عن ثلم القادحين ، ولم يرو عن أحد من الصحابة خلاف لهؤلاء الأربعة لا بإسناد متصل ولا منقطع ، فكأن الصحابة أجمعوا على أن الإمام إذا صلى قاعدا ، كان على المأمومين أن يصلوا قعودا .

وقد أفتى به من التابعين : جابر بن زيد أبو الشعثاء ، ولم يرو عن أحد من التابعين أصلا بخلافه لا بإسناد صحيح ولا واه ، فكأن التابعين أجمعوا على إجازته .

وأول من أبطل في هذه الأمة صلاة المأموم قاعدا إذا صلى إمامه جالسا المغيرة بن مقسم صاحب النخعي وأخذ [ ص: 473 ] عنه حماد بن أبي سليمان ، ثم أخذ عن حماد أبو حنيفة ، وتبعه عليه من بعده من أصحابه .

وأعلى شيء احتجوا به فيه شيء رواه جابر الجعفي عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن أحد بعدي جالسا . وهذا [ ص: 474 ] لو صح إسناده لكان مرسلا ، والمرسل من الخبر وما لم يرو سيان في الحكم عندنا ؛ لأنا لو قبلنا إرسال تابعي وإن كان ثقة فاضلا على حسن الظن لزمنا قبول مثله عن أتباع التابعين ، ومتى قبلنا ذلك لزمنا قبول مثله عن تبع الأتباع ، ومتى قبلنا ذلك لزمنا قبول مثل ذلك عن تباع التبع ، ومتى قبلنا ذلك لزمنا أن نقبل من كل إنسان إذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا نقض الشريعة .

والعجب ممن يحتج بمثل هذا المرسل ، وقد قدح في روايته زعيمهم فيما أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا يحيى الحماني ، قال : سمعت أبا حنيفة يقول : ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي ، ما أتيته بشيء قط من رأي إلا جاءني فيه بحديث ، وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينطق بها .

فهذا أبو حنيفة يجرح جابرا الجعفي ويكذبه ضد قول من انتحل من أصحابه مذهبه ، وزعم أن قول أئمتنا في كتبهم : فلان ضعيف غيبة ، ثم لما اضطره الأمر جعل يحتج بمن كذبه شيخه في شيء يدفع به سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 475 ] فأما جابر الجعفي فقد ذكرنا قصته في كتاب المجروحين من المحدثين بالبراهين الواضحة التي لا يخفى على ذي لب صحتها ، فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية