صفحة جزء
[ ص: 482 ] [ ص: 483 ] ذكر خبر يعارض الخبر الذي تقدم ذكرنا له في الظاهر

2117 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا بدل بن المحبر قال : حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة ، عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة : أن أبا بكر صلى بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف خلفه .

قال أبو حاتم رضي الله عنه : خالف شعبة بن الحجاج زائدة بن قدامة في متن هذا الخبر عن موسى بن أبي عائشة ، فجعل شعبة النبي صلى الله عليه وسلم مأموما حيث صلى قاعدا والقوم قيام .

وجعل زائدة النبي صلى الله عليه وسلم إماما حيث صلى قاعدا والقوم قيام ، وهما متقنان حافظان ، فكيف يجوز أن تجعل إحدى الروايتين اللتين تضادتا في الظاهر في فعل واحد ناسخا لأمر مطلق متقدم .

فمن جعل أحد الخبرين [ ص: 484 ] ناسخا لما تقدم من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وترك الآخر من غير دليل يثبت له على صحته سوغ لخصمه أخذ ما ترك من الخبرين ، وترك ما أخذ منهما ، ونظير هذا النوع من السنن خبر ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو محرم ، وخبر أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها وهما حلالان ؛ فتضاد الخبران في فعل واحد في الظاهر من غير أن يكون بينهما تضاد عندنا .

فجعل جماعة من أصحاب الحديث الخبرين اللذين رويا في نكاح ميمونة متعارضين ، وذهبوا إلى خبر عثمان بن عفان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا ينكح المحرم ولا ينكح . فأخذوا به إذ هو يوافق إحدى الروايتين اللتين رويتا في نكاح ميمونة وتركوا خبر ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها وهو محرم .

[ ص: 485 ] فمن فعل هذا لزمه أن يقول تضاد الخبران في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في علته على حسب ما ذكرناه قبل ، فيجب أن نجيء إلى الخبر الذي فيه الأمر بصلاة المأمومين قعودا إذا صلى إمامهم قاعدا ، فنأخذ به إذ هو يوافق إحدى الروايتين اللتين رويتا في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في علته ، ونترك الخبر المنفرد عنهما كما فعل ذلك في نكاح ميمونة ، وليس عندنا بين هذه الأخبار تضاد ولا تهاتر ولا ناسخ ولا منسوخ بل منها مختصر ومتقصى ومجمل ومفسر إذا ضم بعضها إلى بعض بطل التضاد بينهما ، واستعمل كل خبر في موضعه على ما سنبينه إن قضى الله ذلك وشاءه .

التالي السابق


الخدمات العلمية