صفحة جزء
ذكر خبر ثان يصرح بنفي هذا الفعل الذي ذكرناه

3208 - أخبرنا أبو يعلى قال : حدثنا موسى بن محمد بن حيان ، قال : حدثنا الضحاك بن مخلد عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : أسمعت ابن عباس يقول : إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله ؟ قال : لم يكن ينهى عن دخوله ، ولكن سمعته : يقول : أخبرني أسامة بن زيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فصلى عند الباب ، وقال : هاهنا قبلة فصله .

[ ص: 483 ] قال أبو حاتم رضي الله عنه : هذان خبران قد عول أئمتنا رحمة الله عليهم ورضوانه على الكلام فيهما على النفي والإثبات ، وزعموا أن بلالا أثبت صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكعبة ، وابن عباس ينفيها ، والحكم المثبت للشيء أبدا ، لا لمن ينفيه ، وهذا شيء يلزمنا في قصة أحد في نفي جابر بن عبد الله الصلاة على شهداء أحد ، وغسلهم في ذلك اليوم .

والأشبه عندي في الفصل بين هذين الخبرين بأن يجعلا في فعلين متباينين ، فيقال : إن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة دخل الكعبة فصلى فيها على ما رواه أصحاب ابن عمر عن بلال ، وأسامة بن زيد ، وكان ذلك يوم الفتح .

كذلك قاله حسان بن عطية عن نافع عن ابن عمر ، ويجعل نفي ابن عباس صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكعبة في حجته التي حج فيها ، حتى يكون فعلان في حالتين متباينتين ، لأن ابن عباس نفى الصلاة في الكعبة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وزعم أن أسامة بن زيد أخبره بذلك ، وأخبر أبو الشعثاء عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في البيت ، وزعم أن أسامة بن زيد أخبره بذلك ، [ ص: 484 ] فإذا حمل الخبران على ما وصفنا في الموضعين المتباينين بطل التضاد بينهما ، وصح استعمال كل واحد منهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية