صفحة جزء
ذكر ما يستحب للإمام اتخاذ الكاتب لنفسه لما يقع من الحوادث والأسباب في أمور المسلمين .

4506 - أخبرنا الفضل بن الحباب قال : حدثنا أبو الوليد [ ص: 360 ] الطيالسي قال : حدثنا إبراهيم بن سعد قال : حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت ، قال : أرسل إلي أبو بكر الصديق رضوان الله عليه مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر رضوان الله عليه جالس عنده ، فقال أبو بكر : إن عمر جاءني ، فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يستحر القتل في المواطن كلها فيذهب من القرآن كثير ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن ، قال : قلت : كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : هو والله خير ، فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر ، ورأيت في ذلك الذي رأى ، فقال لي أبو بكر : إنك شاب عاقل ، لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه .

قال زيد : فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن ، قلت : فكيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر ، قال : فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع ، واللخاف ، والعسب ، وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع خزيمة بن ثابت الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره :
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم خاتمة براءة ، قال : فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم [ ص: 361 ] عند عمر حتى توفاه الله ، ثم عند حفصة بنت عمر .

قال إبراهيم بن سعد : وحدثني ابن شهاب عن أنس بن مالك : أن حذيفة قدم على عثمان بن عفان وكان يغازي أهل الشام ، وأهل العراق ، وفتح إرمينية ، وأذربيجان ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلف اليهود ، والنصارى ، فبعث عثمان إلى حفصة : أن أرسلي الصحف لننسخها في المصاحف ، ثم نردها إليك .

فبعثت بها إليه ، فدعا زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وأمرهم أن ينسخوا الصحف في المصاحف ، وقال لهم : ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء فاكتبوه بلسان قريش ، فإنه نزل بلسانهم ، وكتب الصحف في المصاحف ، وبعث إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر مما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يمحى أو يحرق .

قال ابن شهاب : فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت ، أنه سمع زيد بن ثابت يقول : فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخت المصحف ، كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ، فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فألحقتها في سورتها في المصحف .

[ ص: 362 ] قال ابن شهاب : اختلفوا يومئذ في التابوت ، فقال زيد : " التابوه " ، وقال ابن الزبير وسعيد بن العاص : " التابوت " ، فرفع اختلافهم إلى عثمان رضوان الله عليه ، فقال : اكتبوه " التابوت " ، فإنه لسان قريش .

التالي السابق


الخدمات العلمية