صفحة جزء
[ ص: 363 ] [ ص: 364 ] ذكر الجواز للمرء أن يتخذ الكاتب لنفسه لما يعترضه من أحوال الدين في الأسباب .

4507 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال : حدثنا حرملة بن يحيى قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرنا يونس عن ابن شهاب ، قال : أخبرني ابن السباق ، أن زيد بن ثابت حدثه ، قال : أرسل أبو بكر الصديق رضوان الله عليه إلي مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر بن الخطاب رضوان الله عليه عنده ، فقال أبو بكر : إن عمر جاءني فقال لي : إن القتل قد استحر بأهل اليمامة من المسلمين ، وإني أخشى أن يستحر القتل في المواطن فيذهب كثير من القرآن لا يوعى ، وإني أريد أن تأمر بجمع القرآن ، قال : قلت : كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : هو والله خير ، فلم يزل يراجعني بذلك حتى شرح الله لذلك صدري ورأيت فيه الذي رأى عمر بن الخطاب رضوان الله عليه ، وعمر جالس عنده لا يتكلم ، فقال أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وكنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبع القرآن فاجمعه ، قال : قال زيد : فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن ، قال : فقلت : وكيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر ، قال : فقمت أتتبع القرآن أجمعه من الرقاع ، والأكتاف ، والعسب ، وصدور الرجال ، حتى [ ص: 365 ] وجدت آخر سورة التوبة مع خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه وكانت الصحف التي جمعت فيها القرآن عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حتى توفاه الله ، ثم عند حفصة بنت عمر .

قال ابن شهاب ، وأخبرني أنس بن مالك أنه اجتمع لغزوة أذربيجان ، وإرمينية أهل الشام ، وأهل العراق ، فتذاكروا القرآن ، فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم قتال ، قال : فركب حذيفة بن اليمان لما رأى اختلافهم في القرآن إلى عثمان بن عفان ، فقال : إن الناس قد اختلفوا في القرآن ، حتى إني والله لأخشى أن يصيبهم ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف ، ففزع لذلك عثمان رضوان الله عليه فزعا شديدا ، وأرسل إلى حفصة فاستخرج الصحف التي كان أبو بكر أمر زيدا بجمعها ، فنسخ منها المصاحف ، فبعث بها إلى الآفاق ، ثم لما كان مروان أمير المدينة أرسل إلى حفصة يسألها عن الصحف ليمزقها وخشي أن يخالف بعض العام بعضا ، فمنعته إياها .

قال ابن شهاب : فحدثني سالم بن عبد الله ، قال : لما توفيت حفصة أرسل إلى عبد الله بن عمر بعزيمة ليرسل بها ، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل ابن عمر إلى مروان فحرقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك اختلاف لما نسخ عثمان رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية