صفحة جزء
ذكر الأمر بتحميد الله جل وعلا عند الفراغ من الطعام على ما أسبغ وأفضل وأنعم

5216 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي بخبر غريب قال : أخبرنا علي بن خشرم قال : أخبرنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن كيسان قال : حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال : خرج أبو بكر بالهاجرة إلى المسجد ، فسمع بذلك عمر ، فقال : يا أبا بكر ، ما أخرجك هذه الساعة ؟ قال : ما أخرجني إلا ما أجد من حاق الجوع ، قال : وأنا والله ما أخرجني غيره ، فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما أخرجكما هذه الساعة ؟ قالا : والله ما أخرجنا إلا ما نجد في بطوننا من حاق الجوع ، قال : وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غيره ، فقوما فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري ، وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما أو لبنا ، فأبطأ عنه يومئذ ، فلم يأت لحينه ، فأطعمه لأهله وانطلق إلى نخله يعمل فيه ، فلما انتهوا إلى الباب خرجت امرأته ، فقالت : مرحبا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه ، [ ص: 17 ] فقال لها نبي الله صلى الله عليه وسلم : فأين أبو أيوب ؟ فسمعه وهو يعمل في نخل له ، فجاء يشتد ، فقال : مرحبا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه ، يا نبي الله ليس بالحين الذي كنت تجيء فيه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : صدقت ، قال : فانطلق فقطع عذقا من النخل فيه من كل التمر والرطب والبسر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أردت إلى هذا ، ألا جنيت لنا من تمره ، فقال : يا نبي الله أحببت أن تأكل من تمره ورطبه وبسره ، ولأذبحن لك مع هذا ، قال : إن ذبحت فلا تذبحن ذات در ، فأخذ عناقا أو جديا فذبحه ، وقال لامرأته : اخبزي واعجني لنا ، وأنت أعلم بالخبز ، فأخذ الجدي فطبخه وشوى نصفه ، فلما أدرك الطعام ، وضع بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فأخذ من الجدي فجعله في رغيف ، فقال : يا أبا أيوب أبلغ بهذا فاطمة ، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام ، فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة ، فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم : خبز ولحم [ ص: 18 ] وتمر وبسر ورطب ، ودمعت عيناه ، والذي نفسي بيده ، إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه ، قال الله جل وعلا : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ، فهذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة ، فكبر ذلك على أصحابه ، فقال : بل إذا أصبتم مثل هذا ، فضربتم بأيديكم ، فقولوا : بسم الله ، وإذا شبعتم فقولوا : الحمد لله الذي هو أشبعنا وأنعم علينا وأفضل ، فإن هذا كفاف بها . فلما نهض قال لأبي أيوب : ائتنا غدا ، وكان لا يأتي إليه أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه قال : وإن أبا أيوب لم يسمع ذلك ، فقال عمر : إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرك أن تأتيه غدا ، فأتاه من الغد ، فأعطاه وليدته ، فقال : يا أبا أيوب استوص بها خيرا ، فإنا لم نر إلا خيرا ما دامت عندنا ، فلما جاء بها أبو أيوب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا أجد لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا من أن أعتقها ، فأعتقها .

التالي السابق


الخدمات العلمية