صفحة جزء
6233 - أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا أبان بن يزيد العطار حدثنا يحيى بن أبي كثير ، أن زيدا ، حدثه ، أن أبا سلام حدثه ، أن الحارث الأشعري حدثه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إن الله جل وعلا أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، وإن عيسى قال له : إن الله قد أمرك بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، فإما أن تأمرهم ، وإما أن آمرهم . قال : [ ص: 125 ] أي أخي ، إني أخاف إن لم آمرهم أن أعذب أو يخسف بي ، قال : فجمع الناس في بيت المقدس حتى امتلأت وجلسوا على الشرفات فوعظهم ، وقال : إن الله جل وعلا أمرني بخمس كلمات أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن : أولهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، ومثل ذلك مثل رجل اشترى عبدا بخالص ماله بذهب أو ورق ، وقال له : هذه داري ، وهذا عملي فجعل العبد يعمل ويؤدي إلى غير سيده ، فأيكم يسره أن يكون عبده هكذا ، وإن الله خلقكم ورزقكم ، فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا .

وآمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن العبد إذا لم يلتفت استقبله جل وعلا بوجهه .

وآمركم بالصيام وإنما مثل ذلك كمثل رجل معه صرة فيها مسك ، وعنده عصابة يسره أن يجدوا ريحها ، فإن الصيام عند الله أطيب من ريح المسك .

وآمركم بالصدقة ، وإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه ، وأرادوا أن يضربوا عنقه ، فقال : هل لكم أن أفدي نفسي ، فجعل يعطيهم القليل والكثير ليفك نفسه منهم .

وآمركم بذكر الله فإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره ، فأتى على حصن حصين ، فأحرز نفسه فيه ، فكذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا آمركم بخمس أمرني الله بها : بالجماعة ، والسمع ، والطاعة ، والهجرة ، والجهاد في سبيل الله ، [ ص: 126 ] فمن فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربق الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثا جهنم . قال رجل : وإن صام وصلى ؟ قال : وإن صام وصلى ، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله
.

قال أبو حاتم : الأمر بالجماعة بلفظ العموم ، والمراد منه الخاص ، لأن الجماعة هي إجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن [ ص: 127 ] لزم ما كانوا عليه وشذ عن من بعدهم لم يكن بشاق للجماعة ، ولا مفارق لها ، ومن شذ عنهم وتبع من بعدهم كان شاقا للجماعة ، والجماعة بعد الصحابة هم أقوام اجتمع فيهم الدين والعقل والعلم ، ولزموا ترك الهوى فيما هم فيه ، وإن قلت أعدادهم ، لا أوباش الناس ورعاعهم وإن كثروا .

والحارث الأشعري هذا : هو أبو مالك الأشعري ، اسمه الحارث بن مالك ، من ساكني الشام .

التالي السابق


الخدمات العلمية