صفحة جزء
6351 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ، ببيروت قال : حدثنا محمد بن خلف الداري قال : حدثنا معمر بن يعمر قال : حدثنا [ ص: 262 ] معاوية بن سلام ، قال حدثني أخي زيد بن سلام ، أنه سمع أبا سلام قال : حدثني عبد الله بن لحي الهوزني ، قال : لقيت بلالا مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا بلال أخبرني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ما كان له من شيء ، وكنت أنا الذي ألي ذلك منذ بعثه الله حتى توفي صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا أتاه الإنسان المسلم فرآه عاريا ، يأمرني ، فأنطلق ، فأستقرض ، فأشتري البردة أو النمرة ، فأكسوه ، وأطعمه ، حتى اعترضني رجل من المشركين ، فقال : يابلال ، إن عندي سعة ، فلا تستقرض من أحد إلا مني ، ففعلت .

فلما كان ذات يوم ، توضأت ، ثم قمت أؤذن بالصلاة ، فإذا المشرك في عصابة من التجار ، فلما رآني قال : يا حبشي ، قال : قلت : يا لبيه ، فتجهمني ، وقال لي قولا غليظا ، وقال : أتدري كم بينك وبين الشهر ؟ قال : قلت : قريب . قال لي : إنما بينك وبينه أربع ، فآخذك بالذي عليك ، فإني لم أعطك الذي أعطيتك من كرامتك علي ، ولا كرامة صاحبك ، ولكني إنما أعطيتك لتجب لي عبدا ، فأردك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك ، فأخذ في نفسي ما يأخذ الناس ، فانطلقت ، ثم أذنت بالصلاة ، حتى إذا صليت العتمة رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ، فاستأذنت عليه فأذن لي ، فقلت : [ ص: 263 ] يا رسول الله بأبي أنت ، إن المشرك الذي ذكرت لك أني كنت أتدين منه قال لي كذا وكذا ، وليس عندك ما تقضي عني ، ولا عندي ، وهو فاضحي ، فأذن لي أنوء إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين أسلموا حتى يرزق الله رسوله ما يقضي عني ، فقال صلى الله عليه وسلم : إذا شئت اعتمدت .

قال : فخرجت حتى آتي منزلي ، فجعلت سيفي وجعبتي ومجني ونعلي عند رأسي ، واستقبلت بوجهي الأفق ، فكلما نمت ساعة استنبهت ، فإذا رأيت علي ليلا نمت حتى أسفر الصبح الأول ، أردت أن أنطلق ، فإذا إنسان يسعى يدعو : يا بلال أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلقت حتى أتيته ، فإذا أربع ركائب مناخات عليهن أحمالهن ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنته ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبشر ، فقد جاء الله بقضائك ، فحمدت الله ، وقال : ألم تمر على الركائب المناخات الأربع ؟ فقلت : بلى . فقال : إن لك رقابهن ، وما عليهن كسوة وطعام أهداهن إلي عظيم فدك ، فاقبضهن ، ثم اقض دينك . قال : ففعلت ، فحططت عنهن أحمالهن ، ثم عقلتهن ، ثم عمدت إلى تأذين صلاة الصبح ، حتى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت للبقيع ، فجعلت [ ص: 264 ] إصبعي في أذني ، فناديت : من كان يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم دينا فليحضر ، فما زلت أبيع وأقضي ، وأعرض فأقضي ، حتى إذا فضل في يدي أوقيتان أو أوقية ونصف ، انطلقت إلى المسجد ، وقد ذهب عامة النهار ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده ، فسلمت عليه ، فقال : ما فعل ما قبلك ؟ فقلت : قد قضى الله كل شيء كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يبق شيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل شيء ؟ قال : قلت : نعم . قال : انظر أن تريحني منها ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة دعاني ، فقال : ما فعل مما قبلك ؟ قال : قلت : هو معي لم يأتنا أحد ، فبات في المسجد حتى أصبح ، فظل في المسجد اليوم الثاني ، حتى كان في آخر النهار جاء راكبان ، فانطلقت بهما فكسوتهما وأطعمتهما ، حتى إذا صلى العتمة دعاني ، فقال صلى الله عليه وسلم : ما فعل الذي قبلك ؟ فقلت : قد أراحك الله منه يا رسول الله ، فكبر وحمد الله شفقا أن يدركه الموت وعنده ذلك ، ثم اتبعته حتى جاء أزواجه فسلم على امرأة امرأة ، حتى أتى مبيته ، فهذا الذي سألتني عنه
.

التالي السابق


الخدمات العلمية