صفحة جزء
[ ص: 543 ] ذكر بعض ما كان يقاسي المصطفى صلى الله عليه وسلم من المنافقين بالمدينة

6581 - أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا ابن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد بن حارثة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب حمارا وعليه إكاف وتحته قطيفة ، فركب وأردف أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن معاذ في بني الحارث في الخزرج ، وذلك قبل وقعة بدر حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين وعبدة الأوثان واليهود ، ومنهم عبد الله بن أبي ابن سلول ، وفي المجلس عبد الله بن رواحة ، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله أنفه بردائه ، ثم قال : لا تغبروا علينا ، فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ووقف عليهم ، فدعاهم إلى الله ، وقرأ عليهم القرآن ، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول : أيها المرء ، لأحسن من هذا إن كان ما تقول حقا ، فلا تؤذنا في مجالسنا ، وارجع إلى رحلك ، فمن جاءك منا فاقصص عليه . فقال عبد الله بن رواحة : بل اغشنا في مجالسنا ، فإنا نحب ذلك ، فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى هموا أن يثوروا ، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا ، ثم ركب دابته ، فدخل على سعد بن معاذ ، وقال : ألم تسمع ما قال أبو حباب ؟ يريد عبد الله بن أبي ، قال كذا وكذا . قال سعد : يا رسول الله [ ص: 544 ] اعف ، فوالله لقد أعطاك الله ، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه بالعصابة ، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه ، شرق بذلك ، فذلك الذي عمل به ما رأيت ، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية