صفحة جزء
ذكر البيان بأن أبا ذر كان من المهاجرين الأولين

7133 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى ، وعدة ، قالوا : حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال : [ ص: 78 ] قال أبو ذر : خرجنا في قومنا غفار ، وكانوا يحلون الشهر الحرام ، فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا ، فنزلنا على خال لنا ، فأكرمنا خالنا ، وأحسن إلينا ، فحسدنا قومه ، فقالوا : إنك إذا خرجت عن أهلك خالفك إليهم أنيس ، فجاء خالنا فذكر الذي قيل له ، فقلت : أما ما مضى من معروفك ، فقد كدرته ولا حاجة لنا فيما بعد ، قال : فقدمنا صرمتنا فاحتملنا عليها ، فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة .

قال : وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قلت : لمن ؟ قال : لله ، قلت : فأين توجه ؟ قال : أتوجه حيث يوجهني ربي ، أصلي عشيا حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت حتى تعلوني الشمس .

قال أنيس : إن لي حاجة بمكة ، فانطلق أنيس حتى أتى مكة قال : ثم جاء ، فقلت : ما صنعت ؟ قال : لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله قال : قلت : فما يقول الناس ؟ قال : يقولون شاعر كاهن ساحر ، قال : فكان أنيس أحد الشعراء .

قال أنيس : لقد سمعت قول الكهنة ، وما هو بقولهم ، ولقد [ ص: 79 ] وضعت قوله على أقراء الشعر ، فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر ، والله إنه لصادق ، وإنهم لكاذبون .

قال : قلت : فاكفني حتى أذهب فأنظر ، فأتيت مكة ، فتضيفت رجلا منهم ، فقلت : أين هذا الذي تدعونه الصابئ ؟ قال : فأشار إلي ، وقال : الصابئ ، قال : فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا علي ، فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر ، فأتيت زمزم ، فغسلت عني الدماء وشربت من مائها ، وقد لبثت ما بين ثلاثين من ليلة ويوم ما لي طعام إلا ماء زمزم ، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني ، وما وجدت على كبدي سخفة جوع .

[ ص: 80 ] قال : فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان إذ ضرب على أسمختهم ، فما يطوف بالبيت أحد ، وامرأتان منهم تدعوان إسافا ، ونائلة ، قال : فأتتا علي في طوافهما ، فقلت : أنكحا أحدهما الآخر ، قال : فما تناهتا عن قولهما فأتتا علي ، فقلت : هن مثل الخشبة ، فرجعتا تقولان : لو كان هاهنا أحد ، فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما هابطان ، فقال : ما لكما ؟ قالتا : الصابئ بين الكعبة وأستارها ، قالا : ما قال لكما ؟ قالتا : إنه قال لنا كلمة تملأ الفم .

[ ص: 81 ] قال : وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استلم الحجر ، ثم طاف بالبيت هو وصاحبه ، ثم صلى ، فقال أبو ذر : فكنت أول من حياه بتحية الإسلام قال : وعليك ورحمة الله ، ثم قال : ممن أنت ؟ فقلت : من غفار ، قال : فأهوى بيده ، ووضع أصابعه على جبهته ، فقلت في نفسي : كره أني انتميت إلى غفار ، قال : ثم رفع رأسه ، وقال : مذ متى كنت هاهنا ؟ قال : كنت هاهنا من ثلاثين بين يوم وليلة ، قال : فمن كان يطعمك ؟ قلت : ما كان لي طعام إلا ماء زمزم ، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها مباركة إنها طعام طعم ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ائذن لي في طعامه الليلة ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فانطلقت معهما ، ففتح أبو بكر بابا ، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف ، فكان ذلك أول طعام أكلته بها ، ثم غبرت ما غبرت ، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنه قد وجهت لي أرض ذات نخل ما أراها إلا يثرب ، فهل أنت مبلغ عني قومك عسى الله أن يهديهم بك ويأجرك فيهم .

قال : فانطلقت فلقيت أنيسا ، فقال : ما صنعت ؟ قلت : صنعت أني قد أسلمت وصدقت ، قال : ما بي رغبة عن دينك ، فإني قد أسلمت وصدقت ، قال : فأتينا أمنا ، فقالت : ما بي رغبة عن [ ص: 82 ] دينكما ، فإني قد أسلمت وصدقت ، فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا فأسلم نصفهم وكان يؤمهم إيماء بن رحضة وكان سيدهم ، وقال نصفهم : إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلمنا ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم نصفهم الباقي وجاءت أسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله
.

التالي السابق


الخدمات العلمية