صفحة جزء
[ ص: 377 ] ذكر الإخبار عن وصف من يشفع في القيامة ومن يشفع له

7377 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال : حدثنا عيسى بن حماد قال : أخبرنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال : قلنا : يا رسول الله أنرى ربنا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تضارون في رؤية الشمس إذا كان يوم صحو ؟ قلنا : لا ، قال : هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر إذا كان صحوا ؟ قلنا : لا ، قال : فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما لا تضارون في رؤيتهما ، ينادي مناد فيقول : ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون ، قال : فيذهب أهل الصليب مع صليبهم ، وأهل الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، ويبقى من يعبد الله من بر وفاجر وغبرات من أهل الكتاب .

[ ص: 378 ] ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب ، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد عزيرا ابن الله ، فيقال : كذبتم ما اتخذ الله صاحبة ولا ولدا ، ما تريدون ؟ قالوا : نريد أن تسقينا ، فيقال : اشربوا ، فيتساقطون في جهنم ، ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله ، فيقال : كذبتم لم يكن له صاحبة ولا ولد ، ماذا تريدون ؟ قالوا : نريد أن تسقينا ، فيقال : اشربوا فيتساقطون في جهنم حتى يبقى من يعبد الله من بر وفاجر ، فيقال لهم : ما يحبسكم وقد ذهب الناس ؟ فيقولون : قد فارقناهم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون ، وإنا ننتظر ربنا ، قال : فيأتيهم الجبار لا إله إلا هو فيقول : أنا ربكم ، فلا يكلمه إلا نبي ، فيقال : هل بينكم وبينه آية تعرفونها ؟ فيقولون : الساق ، فيكشف عن ساق ، فيسجد له كل مؤمن ، ويبقى من كان يسجد له رياء وسمعة فيذهب يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا .

ثم يؤتى بالجسر ، فيجعل بين ظهراني جهنم ، فقلنا : يا رسول الله ، وما الجسر ؟ قال : مدحضة مزلة عليه خطاطيف ، وكلاليب ، [ ص: 379 ] وحسكة مفلطحة لها شوك عقيفاء تكون بنجد يقال لها : السعدان ، يجوز المؤمن كالطرف ، وكالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل ، وكالراكب ، فناج مسلم ، ومخدوش مسلم ، ومكدوس في جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا ، والحق قد تبين من المؤمنين ، إذا رأوا أنهم قد نجوا وبقي إخوانهم يقولون : يا ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا ، فيقول الرب جل وعلا : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان [ ص: 380 ] فأخرجوه ، ويحرم الله صورهم على النار ، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدميه وإلى أنصاف ساقيه ، فيخرجون من النار ، ثم يعودون ثانية ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من إيمان فأخرجوه ، فيخرجون من النار ، ثم يعودون الثالثة ، فيقال : اذهبوا ، فمن وجدتم في قلبه حبة إيمان ، فأخرجوه فيخرجون .

قال أبو سعيد : وإن لم تصدقوني فاقرؤوا قول الله :
إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما

فتشفع الملائكة والنبيون والصديقون ، فيقول الجبار تبارك وتعالى لا إله إلا هو : بقيت شفاعتي ، فيقبض الجبار قبضة من النار ، فيخرج أقواما قد امتحشوا فيلقون في نهر يقال له : الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، هل رأيتموها إلى جانب الصخرة ، أو جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر ، وما كان إلى الظل كان أبيض ، فيخرجون مثل اللؤلؤة ، فيجعل في رقابهم الخواتيم ، فيدخلون الجنة ، فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا قدم قدموه ، فيقال لهم : لكم ما رأيتموه ومثله معه .

قال أبو سعيد : بلغني أن الجسر أدق من الشعر ، وأحد من السيف
.

[ ص: 381 ] [ ص: 382 ] قال أبو حاتم : الساق الشدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية