صفحة جزء
آخر

1807 - أخبرنا المبارك بن المبارك بن المعطوش الحريمي - ببغداد - أن هبة الله بن محمد بن عبد الواحد أخبرهم ، أبنا الحسن بن علي بن المذهب ، أبنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، قال : سمعت ثابتا يحدث ، عن أنس ، قال : لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر ، قال الحجاج بن علاط : يا رسول الله ، إن لي بمكة مالا وإن لي بها أهلا ، وإني أريد أن آتيهم ، أفأنا في حل إن أنا نلت منك ، أو قلت شيئا ؟ فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن يقول ما شاء ، فأتى امرأته حين قدم ، فقال اجمعي ما كان عندك ; فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه ; فإنهم استبيحوا وأصيبت أموالهم .

[ ص: 183 ] قال : وفشا ذلك بمكة فانقمع المسلمون ، وأظهر المشركون فرحا وسرورا .

قال : وبلغ الخبر العباس فعقر ، وجعل لا يستطيع أن يقوم ، قال : فأخبرني عثمان الجزري ، عن مقسم ، قال : فأخذ ابنا له يقال له : قثم فاستلقى فوضعه على صدره وهو يقول :


حبي قثم [ حبي قثم ] شبيه ذي الأنف الأشم     نبي [ رب ] ذي نعم
برغم [ أنف ] من رغم

قال ثابت ، عن أنس : ثم أرسل غلاما له إلى الحجاج بن علاط : ويلك ما جئت به ؟ وماذا تقول ؟ فما وعد الله تبارك وتعالى خير مما جئت به .

قال الحجاج بن علاط لغلامه : أقرئ على أبي الفضل السلام ، وقل له : فليخل لي في بعض بيوته لآتيه ; فإن الخبر على ما يسره .

فجاء غلامه فلما بلغ باب الدار ، قال : أبشر يا أبا الفضل ، قال : فوثب العباس فرحا حتى قبل بين عينيه فأخبره ما قال : الحجاج فأعتقه .

ثم جاءه الحجاج فأخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد افتتح خيبر [ ص: 184 ] وغنم أموالهم ، وجرت سهام الله في أموالهم ، واصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية بنت حيي ، فاتخذها لنفسه ، وخيرها أن يعتقها وتكون زوجته أو تلحق بأهلها ، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته ، ولكني جئت لمال لي كان ها هنا ، أردت أن أجمعه فأذهب به ، فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن لي أن أقول ما شئت ، فأخف عني ثلاثا ، ثم اذكر ما بدا لك .

فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي ومتاع ، فجمعته فدفعته إليه ، ثم انشمر به ، فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأة الحجاج ، فقال : ما فعل زوجك ؟ فأخبرته أنه قد ذهب يوم كذا وكذا ، وقالت : لا يحزنك الله يا أبا الفضل ، لقد شق علينا الذي بلغك ، قال : أجل لا يحزنني الله ، ولم يكن بحمد الله تبارك وتعالى إلا ما أحببنا فتح الله خيبر على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجرت فيها سهام الله تعالى ، واصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية لنفسه ، فإن كانت لك حاجة في زوجك فالحقي به . قالت : أظنك والله صادقا ، قال : فإني صادق الأمر على ما أخبرتك .

ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون إذا مر بهم : لا يصبك إلا خير يا أبا الفضل ، قال : لم يصبني بحمد الله إلا خير ، قد أخبرني الحجاج بن علاط أن خيبر فتحها الله تعالى على رسوله ، وجرت فيها سهام الله تعالى ، واصطفى صفية لنفسه ، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثا ، وإنما جاء ليأخذ ماله وما كان له من شيء ها هنا ثم يذهب .

[ ص: 185 ] قال : فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين ، وخرج المسلمون من كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر ، فسر المسلمون ، ورد الله ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين
.

التالي السابق


الخدمات العلمية