صفحة جزء
39 - وأخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن أحمد بن الإخوة - بقراءتي عليه بأصبهان - قلت له : أخبركم أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال - قراءة عليه وأنت تسمع - أنا إبراهيم بن منصور ، أنا محمد بن إبراهيم بن المقرئ ، أنا أبو يعلى الموصلي ، ثنا أبو موسى إسحاق بن إبراهيم الهروي ، ثنا النضر بن شميل ، ثنا أبو نعامة ، أنا البراء بن نوفل ، عن والان العدوي ، عن حذيفة ، عن أبي بكر الصديق قال : أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ، فصلى الغداة ، ثم جلس ، حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جلس مكانه حتى إذا صلى الأولى ، والعصر ، والمغرب ، كل ذلك لا يتكلم ، حتى صلى العشاء الآخرة ، ثم قام إلى أهله ، فقال الناس لأبي بكر : سل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شأنه صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط ، فسأله ، فقال : نعم عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة ، يجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد ففظع الناس ذلك فانطلقوا إلى آدم ، والعرق يكاد أن يلجمهم ، فقالوا : يا آدم أنت أبو البشر وأنت [ ص: 122 ] اصطفاك الله ، اشفع لنا إلى ربك . قال : لقد لقيت مثل الذي لقيتم ، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم : إلى نوح إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين قال : فينطلقون إلى نوح فيقولون اشفع لنا إلى ربك فأنت اصطفاك الله ، واستجاب لك في دعائك ، فلم يدع على الأرض من الكافرين ديارا ، فيقول : ليس ذاكم عندي ، انطلقوا إلى إبراهيم ، فإن الله اتخذه خليلا ، فيأتون إبراهيم فيقول : ليس ذاكم عندي ، انطلقوا إلى موسى ، فإن الله كلمه تكليما فيقول موسى : ليس ذاكم عندي ، ولكن انطلقوا إلى عيسى ، فإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى فيقول عيسى : ليس ذاكم عندي ، انطلقوا إلى سيد ولد آدم ، فإنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ، انطلقوا إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليشفع لكم إلى ربكم . قال : فينطلق فيأتي جبريل ربه ، فيقول الله - عز وجل - : ائذن له وبشره بالجنة قال : فينطلق به جبريل ، فيخر ساجدا قدر جمعة ، ثم يقول الله تعالى : يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع ، واشفع تشفع ، قال : فيرفع رأسه ، فإذا نظر إلى ربه - عز وجل - خر ساجدا قدر جمعة أخرى ، فيقول الله تبارك وتعالى : يا محمد ارفع رأسك ، وقل تسمع ، واشفع تشفع ، قال : فيذهب ليقع ساجدا قال : فيأخذ جبريل بضبعيه فيفتح الله تعالى عليه من الدعاء شيئا لم يفتحه على بشر قط . قال : فيقول : أي رب جعلتني سيد ولد آدم ولا فخر ، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر ، حتى إنه ليرد علي الحوض أكثر مما بين صنعاء [ ص: 123 ] وأيلة ، ثم يقال : ادعوا الصديقين فيشفعون ، ثم يقال : ادعوا الأنبياء . قال : فيجيء النبي ومعه العصابة ، والنبي ومعه الخمسة والستة ، والنبي ليس معه أحد ، ثم يقال : ادعوا الشهداء ، قال : فيشفعون لمن أرادوا ، فإذا فعلت الشهداء ذلك ، قال : يقول الله - تبارك وتعالى - : أنا أرحم الراحمين أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بي شيئا ، فيدخلون الجنة ، ثم يقول الله - عز وجل - : انظر في النار هل من أحد عمل خيرا قط قال : فيجدون في النار رجلا فيقال له : هل عملت خيرا قط ؟ فيقول : لا غير أني كنت أسامح الناس في البيع فيقال : أسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي ، ثم يخرجون من النار رجلا آخر فيقال له : هل عملت خيرا قط ؟ فيقول : لا ، غير أني قد أمرت ولدي : إذا مت فأحرقوني بالنار ، ثم اطحنوني حتى إذا كنت مثل الكحل فاذهبوا بي إلى البحر فاذروني في البحر ، قال : فقال الله تبارك وتعالى : لم فعلت ذلك ؟ قال : من مخافتك قال : فيقول : انظر إلى ملك أعظم ملك ، فإن لك مثله وعشرة أمثاله . قال : فيقول له : تسخر بي وأنت الملك ؟ فذاك الذي ضحكت منه من الضحى .

لفظ حديث الهيثم بن كليب ، ورواية أبي يعلى الموصلي ، قد كتب ما خالفه في نسخ .

رواه الإمام أحمد في " مسنده " عن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، عن النضر بن شميل ، بنحوه ، وعنده " فأذروني في الريح " وكذلك عند ابن خزيمة . [ ص: 124 ] أبو نعامة اسمه : عمرو بن عيسى ، بصري ، وثقه يحيى بن معين . وقال أحمد بن حنبل : هو ثقة إلا أنه اختلط قبل موته .

ووثق يحيى بن معين البراء بن نوفل ، ووالان بن قرفة ، وقيل : ابن بيهس .

وروى هذا الحديث علي بن المديني ، عن روح بن عبادة ، عن أبي نعامة .

ورواه الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتابه التوحيد ، عن أحمد بن سعيد الدارمي ، وأحمد بن منصور البزار ، كلاهما عن النضر بن شميل ، وكان قال في أول الحديث : إن صح الخبر ، ثم قال في آخره : إنما استثنيت صحة الخبر في الباب لأني في الوقت الذي ترجمت الباب لم أكن أحفظ في ذلك الوقت عن والان خبرا غير هذا الخبر ، ولم أحفظ له راويا غير والان بن نوفل ، ثم وجدت له خبرا ثانيا وراويا آخر ، قد روى عنه مالك بن عمير الحنفي غير أنه العجلي لا العدوي ، حدثناه علي بن سعيد بن مسروق الكندي ، ثنا عبد الرحيم - يعني : ابن سليم - عن إسماعيل بن سميع [ ص: 125 ] الحنفي ، عن مالك بن عمير الحنفي ، عن والان العجلي قال : رجعت إلى داري فإذا شاة من غنمي لبون قد ذبحت ، وإذا النسوة مطيفات بها . فقلت : ما شأنها ؟ فقالوا : عرض لها . فقلت : من ذبحها ؟ قالوا : غلامك هذا فقلت : والله ما يحسن يصلي ولا يحسن يذبح - وكان سبيا - فقالوا : إنا قد علمناه وقد سمى . فما نزلت عن بغلتي حتى أتيت عبد الله فذكرت ذلك له . فقال : كلها .

أخبرنا بهذه الحكاية عبد المعز بن محمد الهروي بها ، أن السيد أبا عبد الله محمد بن إسماعيل بن الحسين بن حمزة العلوي أخبرهم - قراءة عليه - أنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني إجازة ، أنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة ، أنا جدي محمد بن إسحاق بن خزيمة .

ورواه أبو حاتم بن حبان في كتابه " الأنواع والتقاسيم " عن عبد الله بن محمد الأزدي ، عن إسحاق بن إبراهيم ، وذكر أن الإمام إسحاق بن راهويه مدح هذا الحديث .

وقال الدارقطني : والان مجهول في الحديث ، غير ثابت ، والله أعلم .

[ ص: 126 ] ولعل الدارقطني لم يقف على هذه الحكاية التي ذكرها أبو بكر بن خزيمة ، ومن شرط الجهالة أن لا يروي عن الشخص غير واحد ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية