صفحة جزء
[ ص: 222 ] عبد الله بن شداد بن الهاد ، عن علي عليه السلام

605 - أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الإخوة ، وأم حبيبة عائشة بنت معمر بن عبد الواحد بن الفاخر - بأصبهان - أن سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي أخبرهم - قراءة عليه - أنا أحمد بن محمد بن النعمان ، أنا محمد بن إبراهيم بن المقرئ ، أنا إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي ، ثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، ثنا سليم بن يحيى ، ثنا ابن خيثم ، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري أنه قال : جاء [ ص: 223 ] عبد الله بن شداد ، ودخل على عائشة رضي الله عنها ، ونحن عندها جلوسا مرجعه من العراق ليالي قتل علي بن أبي طالب فقالت له : يا عبد الله بن شداد ، هل أنت صادقي عما أسألك عنه ؟ تحدثني عن هؤلاء الذين قتلهم علي .

قال : وما لي لا أصدقك ؟

قالت : فحدثني عن قصتهم .

قال : فإن عليا لما كاتب معاوية ، وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا أرضا يقال لها : حروراء من جانب الكوفة ، وإنهم عتبوا عليه . وقالوا : انسلخت من قميص ألبسكه الله - عز وجل - واسم سماك الله تعالى به ، ثم تحكمت في دين الله تعالى ، فلا حكم إلا لله ، فلما أن بلغ عليا -رضي الله عنه - ما عتبوا عليه ، وفارقوه فيه ، أمر مناديا ينادي : ألا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن ، فلما امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف ، إماما عظيما ، فوضعه بين يديه فطفق يصكه بيده ، ويقول : أيها المصحف حدث الناس ! فناداه الناس : يا أمير المؤمنين ، ما تسأل عنه ؟ ! إنما هو مداد في ورق ، ونحن نتكلم بما روينا منه ، فماذا تريد ؟ قال : أصحابكم الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله -عز وجل - يقول الله في كتابه في امرأة ورجل :
وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فأمة محمد -صلى الله عليه وسلم - أعظم ذمة وحرمة من امرأة ورجل ؟ ! ونقموا علي أن كاتبت معاوية : كتبت [ ص: 224 ] ( علي بن أبي طالب ) وقد جاءنا سهيل بن عمرو ، ونحن مع النبي -صلى الله عليه وسلم - بالحديبية ، حين صالح النبي -صلى الله عليه وسلم - قريشا ، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم . فقال سهيل : لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم - فكيف نكتب ؟ قال : اكتب : باسمك اللهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكتب محمد رسول الله ، فقال سهيل : لو أعلم أنك رسول الله ، لم أخالفك ، فكتب : محمد بن عبد الله ، والله -عز وجل - يقول في كتابه : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فبعث إليهم علي بن أبي طالب ابن عباس ، وخرجت معه ، فمشى حتى إذا توسطنا عسكرهم ، قام ابن الكواء ، فخطب الناس ، فقال : يا حملة القرآن هذا عبد الله بن عباس ، فمن لم يكن يعرفه ، فأنا أعرفه إياه من كتاب الله -عز وجل - هذا مما أنزل فيه وفي قومه : بل هم قوم خصمون فردوه إلى صاحبه ، ولا تواضعوه كتاب الله عز وجل . قال : فقام خطباؤهم فقالوا : والله لنواضعنه كتاب الله -عز وجل - فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه ، وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله ، ولنردنه إلى صاحبه ، فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام . فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب ، فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علي -رضي الله عنه - الكوفة فبعث علي إلى بقيتهم ، فقال : قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم ، فقفوا حيث شئتم ، حتى تجتمع أمة محمد -صلى الله عليه وسلم - وتدخلوا معهم حيث شئتم . بيننا وبينكم أن تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة ، فإن [ ص: 225 ] أنتم فعلتم ذلك ، فقد نبذنا إليكم : على سواء إن الله لا يحب الخائنين .

فقالت عائشة : فقد قتلهم .

قال : فوالله ما قتلهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدماء ، وانتهكوا الكوفة .

فقالت : آلله الذي لا إله إلا هو لقد كان ؟

قال : آلله الذي لا إله إلا هو لقد كان .

فقالت : ما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه يقولون : ذو الثدي ؟ فقال : قد رأيته ، وقمت عليه مع علي -رضي الله عنه - في القتلى ، فدعا الناس ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ فما أكثر من جاء يقول : رأيته في مسجد بني فلان يصلي ، ورأيته في مسجد بني فلان يصلي ، ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذلك .

قالت : فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق ؟

قال : سمعته يقول : صدق الله ورسوله .

قالت : فهل سمعت منه أنه قال غير ذلك ؟

قال : اللهم لا .

قالت : أجل ، صدق الله ورسوله ، يرحم الله عليا ، إنه كان من كلامه [ ص: 226 ] لا يرى شيئا يعجبه إلا قال : صدق الله ورسوله ، فيذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون عليه في الحديث .

رواه الإمام أحمد بطوله ، عن إسحاق بن عيسى الطباع ، عن يحيى بن سليم ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية