المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1074 (84) باب

الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

[ 556 ] عن جابر بن سمرة وقيل له : أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، كثيرا ، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قام ، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم .

وفي رواية : كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنا .

رواه أحمد (5 \ 91)، ومسلم (670)، وأبو داود (1294) .


(84) ومن باب : الجلوس في المصلى بعد الصلاة حتى تطلع الشمس

قوله " كان - صلى الله عليه وسلم - لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس " ، هذا الفعل منه - صلى الله عليه وسلم - يدل على استحباب لزوم موضع صلاة الصبح للذكر والدعاء إلى طلوع الشمس ; لأن ذلك الوقت وقت لا يصلى فيه ، وهو بعد صلاة مشهودة ، وأشغال اليوم بعد لم تأت ، فيقع الذكر والدعاء على فراغ قلب وحضور فهم ، فيرتجى فيه قبول الدعاء وسماع الأذكار . وقال بعض علمائنا : يكره الحديث حينئذ ، واعتذر عن قوله " وكانوا يتحدثون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم " بأن هذا فصل آخر من سيرة أخرى في وقت آخر ، وصله بالحديث [ ص: 296 ] الأول . قلت : وهذا فيه نظر ، بل يمكن أن يقال : إنهم في ذلك الوقت كانوا يتكلمون ; لأن الكلام فيه جائز غير ممنوع ، إذ لم يرد في ذلك منع ، وغاية ما هنالك أن الإقبال في ذلك الوقت على ذكر الله تعالى أفضل وأولى ، ولا يلزم من ذلك أن يكون الكلام مطلوب الترك في ذلك الوقت ، والله تعالى أعلم .

وقوله “ حتى تطلع الشمس حسنا " ; أي طلوعا حسنا ، فيكون نعتا لمصدر محذوف ، ويعني بذلك أنه كان يستديم الذكر والمقام بمجلسه إلى أن يدخل الوقت الذي تجوز الصلاة فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية