المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1131 (93) باب

التنفل والوتر على الراحلة في السفر

[ 580 ] عن ابن عمر قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ، وهو مقبل من مكة إلى المدينة ، على راحلته حيث كان وجهه ، قال : وفيه نزلت : فأينما تولوا فثم وجه الله [ البقرة :115 ]

رواه البخاري (1000)، ومسلم (700) (33)، والترمذي (472)، والنسائي (1 \ 244) .


(93) ومن باب : التنفل والوتر على الراحلة

لم يختلف العلماء في جواز التنفل على الراحلة للمسافر قبل أي وجه توجه بعد الشروع فيها ، واختلفوا : هل يلزمه أن يفتتح نافلته إلى القبلة أم لا ؟ فذهب الشافعي وأحمد وأبو ثور إلى أن ذلك يلزمه ، وذهب مالك وغيره إلى أن ذلك لا يلزمه ، وحجتهم التمسك بظاهر الحديثين المذكورين في هذا الباب ، أعني حديث ابن عمر [ وأنس ] فتأملهما .

ولا شك أن هذا الفعل منه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان في السفر ، وهل يجوز فعله في الحضر أم لا ؟ فذهب أبو يوسف إلى أنه يجوز في الحضر ، وروي عن أنس أنه كان يومئ على حمار في أزقة المدينة ، وحكاه بعض الشافعية عن مذهبهم ، ومالك لا يراه إلا في سفر طال .

[ ص: 341 ] وقوله : فثم وجه الله [ البقرة :115 ] ; أي : جهة الله ، يعني : القبلة ، وأضافها الله تعالى إليه تشريفا ، وقيل : رضاه ، وقيل : رحمته ; كما قال في الحديث : فإن الرحمة تواجهه ، وقال الفراء : العمل ; كما قال الشاعر :


أستغفر الله ذنبا لست محصيه رب العباد إليه الوجه والعمل



وفي قوله نظر ، فإن الوجه المذكور في الشعر ليس هو العمل ، بدليل ذكر العمل بعده ، وإنما معناه : القصد ; أي : إليه القصد والعمل ، ويمكن حمل الوجه في الآية على هذا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية