المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1145 [ 585 ] وعنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عجل به السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر ، فيجمع بينهما ، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق .

رواه مسلم (704) (48) .


وقوله في حديث أنس : إنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ، ثم نزل : ظاهر في أنه كان يصلي الظهر في وقت العصر ; لأنه إذا أخر الظهر لأول وقت العصر ، ثم بعد ذلك بمهلة نزل فتوضأ ، فصلى [ ص: 346 ] الصلاتين ; فيلزم أن يصلي الظهر في أول وقت العصر ولا بد . وأوضح من هذا ما في الرواية الأخرى ; من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق ، فظاهر ذلك حجة على أبي حنيفة ; حيث منع الجمع المذكور ، وهذا إنما فعله ابن عمر والنبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأنهما زالت عليهما الشمس وغربت وهما يجدان السير ، فلو أراد أن يرتحل بعد الزوال ناويا أن لا ينزل حتى يخرج وقت الصلاتين صلى الأولى في أول الوقت ، والثانية بعدها مجموعة إليها .

قال أبو محمد عبد الوهاب : وله أن يجمع بين الصلاتين في وقت أيهما شاء ، والاختيار : في آخر وقت الأولى ، وأول وقت الثانية . وكونه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر ثم ركب ، ولم يصل العصر مجموعة إليها ; إما لأنه نوى أن ينزل في وقت العصر ، وإما لأنه لم يرد أن يجمع بينهما ; لأن الجمع هنا غايته أن يكون جائزا للرخصة ، وإما أنه لم يجد به السير ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية