المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1302 (111) باب

أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ، وكراهية التعمق والتشديد

[ 658 ] عن عائشة أنها قالت : كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصير ، وكان يحجره من الليل فيصلي فيه ، فجعل الناس يصلون بصلاته ، ويبسطه بالنهار ، فثابوا ذات ليلة فقال : يا أيها الناس ، عليكم من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وإن أحب العمل إلى الله ما دووم عليه ، وإن قل وكان آل محمد إذا عملوا عملا أثبتوه .

رواه أحمد (6 \ 212)، والبخاري (43 و 6464)، ومسلم (782) (215)، وأبو داود (1368) .


(111) ومن بب : أحب العمل إلى الله أدومه

قوله - صلى الله عليه وسلم - : عليكم من الأعمال ما تطيقون : هذا حض على التخفيف في أعمال النوافل ، ويتضمن الزجر عن التشديد ، والغلو فيها . وسبب ذلك : أن التخفيف يكون معه الدوام والنشاط ، فيكثر الثواب لتكرار العمل ، وفراغ القلب ، بخلاف الشاق منها ، فإنه يكون معه التشويش والانقطاع غالبا .

وقوله : فإن الله لا يمل حتى تملوا : ظاهره محال على الله تعالى . فإن الملال فتور عن تعب ، وألم عن مشقة ، وكل ذلك على الله تعالى محال ، وإنما [ ص: 414 ] أطلق هنا على الله تعالى على جهة المقابلة اللفظية مجازا ; كما قال : ومكروا ومكر الله [ آل عمران :24 ] و : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه [ البقرة : 194] ووجه مجازه : أنه تعالى لما كان يقطع ثواب عمل من مل العمل وقطعه ; عبر عن ذلك بالملل ; من باب تسمية الشيء باسم سببه .

التالي السابق


الخدمات العلمية