المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1328 [ 676 ] وعن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ، ريحها طيب وطعمها طيب . ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة ، لا ريح لها وطعمها حلو . ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر . ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ، ليس لها ريح وطعمها مر .

وفي رواية : " الفاجر" بدل : " المنافق " .

رواه أحمد (4 \ 403 و 404)، والبخاري (5020)، ومسلم (797)، وأبو داود (4830)، والترمذي (2865)، والنسائي (8 \ 124 - 125)، وابن ماجه (214) .


وقوله : فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا : هذا على جهة التوسع في الإفهام ، وتحقيقه : أنه يشفع له بسببه ; فإما الملائكة الذين كانوا يشاهدون تلاوته ، أو من شاء الله - تعالى - ممن يشفعهم فيه بسببه ، وهذه الشفاعة على تقدير أن يكون القارئ صاحب كبيرة في تخليصه من النار ، وإن لم يكن عليه ذنوب ; شفع له في ترفيع درجاته في الجنة ، أو في المسابقة إليها ، أو في جميعهما ، أو ما شاء الله منها ، إذ كل ذلك بكرمه - تعالى - وتفضله .

وفي تسمية البقرة وآل عمران بالزهراوين وجهان :

أحدهما : أنهما النيرتان ، مأخوذ من الزهر ، والزهرة ، والزهرة ، فإما لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من أنوارهما ، وإما لما يترتب على قراءتهما من النور التام يوم القيامة . قلت : ويقع لي أنهما سميتا بذلك ; لأنهما اشتركتا في تضمن اسم الله الأعظم ; كما ذكر أبو داود من حديث أسماء بنت يزيد : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : [ ص: 431 ] اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم [ البقرة : 163 ] والتي في سورة آل عمران : الله لا إله إلا هو الحي القيوم [آل عمران : 2] والله أعلم .

والغمام : السحاب الملتف ، وهي : الغياية إذا كانت قريبا من الرأس ، والظلة أيضا ، وقد جاءت هذه الألفاظ الثلاثة في هذا الحديث ، وفي حديث النواس . ومعنى هذا الحديث : أن صاحب هاتين السورتين في ظل ثوابهما يوم القيامة ; كما قال : سبعة يظلهم الله في ظله ، وقال : الرجل في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس . وعبر عن هذا المعنى بتلك العبارة توسعا واستعارة ; إذ كان ذلك بسببهما . وفرقان : قطيعان ، وهما : الحزقان . والحزق ، والحزيقة : الجماعة ، وهي رواية السمرقندي في حديث النواس ، وجمهور الرواة قالوا : فرقان مثل ما في حديث أبي أمامة . وصواف : مصطفة . وتحاجان : تقومان بحجة قارئهما وتجادلان عنه ; كما قال - صلى الله عليه وسلم - في سورة تبارك : تجادل عن صاحبها . وهذه المجادلة إن حملت على ظاهرها ; فيخلق الله - تعالى - من يجادل بها عنه ملائكة ; كما قد جاء في بعض هذا الحديث : أن من قرأ : شهد الله أنه لا إله إلا هو ; خلق الله سبعين ملكا يستغفرون له إلى يوم القيامة .

[ ص: 432 ] وإن حملت على تأويلها ; فيكون معنى ذلك : أن الله - تعالى - يوصله إلى ثواب قراءتهما ، ولا ينقص منه شيء ; كما يفعل من يستخرج حقه ، ويجادل عليه ; كما قال : والقرآن حجة لك أو عليك .

التالي السابق


الخدمات العلمية