المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1398 [ 715 ] وعن عائشة ، قالت : كان الناس ينتابون الجمعة ، من منازلهم ومن العوالي ، فيأتون في العباء ، ويصيبهم الغبار ، فتخرج منهم الريح ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنسان منهم وهو عندي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا .

رواه البخاري (902)، ومسلم (847)، وأبو داود (352)، والنسائي (3 \ 93 - 94) .


[ ص: 482 ] وقول عائشة - رضي الله عنها - : كان الناس ينتابون ; أي : يجيئون . والانتياب : المجيء نوبا ، والاسم : النوب ، وأصله : ما كان من قرب ; كالفرسخ والفرسخين . والكفاة : جمع كاف ; أي : عبيد وخدم يكفونهم العمل . والعباء : جمع عباءة ، وهو كساء غليظ ، وقد تقدم : أن أقرب العوالي من المدينة على ثلاثة أميال أو نحوها ، وهذا رد على الكوفي الذي لا يوجبها على من كان خارج المصر ، وخالفه في ذلك الجمهور ; مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ; فقالوا : تجب الجمعة على من كان خارج المصر ممن يسمع النداء ، غير أن مالكا حده بثلاثة أميال ، أخذا بحديث عائشة هذا ، وأيضا فإن هذا المقدار يسمع منه النداء من المؤذن الصيت في الوقت الهادئ غالبا . واختلف أصحابه : هل تعتبر الثلاثة الأميال من طرف المدينة ، أو من المنار ؟

ولا خلاف أنها تجب على أهل المصر ، وإن عظم وزاد على ستة أميال ، إلا شيئا روي عن ربيعة : أن الجمعة إنما تجب على من إذا سمع النداء وخرج ماشيا أدرك الصلاة ، وروي عن جماعة أنها تجب على من آواه الليل إلى أهله ، فيجيء على هذا : أنها تجب على من يكون على نصف يوم ، وهو مذهب [ ص: 483 ] الحكم والأوزاعي وعطاء وأبي ثور ، وذهب الزهري إلى أنها تجب على من هو من المصر على ستة أميال . وروي عنه وعن ابن المنكدر ، وربيعة : أربعة أميال .

التالي السابق


الخدمات العلمية